الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ يَقْرَؤونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } * { وَمَن كَانَ فِي هَـٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلاً }

{ يوم ندعو } نصب باضمار اذكر على انه مفعول به { كل اناس } هر كر وهى را ازبنى آدم والاناس جمع الناس كما فى القاموس { بامامهم } اى بمن ائتموا به من نبى فيقال يا امة موسى ويا امة عيسى ونحو ذلك او مقدم فى الدين فيقال يا حنفى ويا شافعى ونحوهما او كتاب فيقال يا اهل القرآن ويا اهل الانجيل وغيرهما او دين فيقال يا مسلم ويا يهودى ويا نصرانى ويا مجوسى وغير ذلك. وفى التأويلات النجمية يشير الى ما يتبعه كل قوم وهو امامهم. فقوم يتبعون الدنيا وزينتها وشهواتها فيدعون يا اهل النيا.وقوم يتبعون الآخرة ونعيمها ودرجاتها فيدعون يا اهل الآخرة. وقوم يتبعون الرسول صلى الله عليه وسلم محبة لله وطلبا لقربته ومعرفته فيدعون يا اهل الله. وقيل الامام جمع ام كخف وخفاف والحكمة فىدعوتهم ومهاتهم اجلال عيسى عليه السلام وتشريف الحسنين رضى الله عنهما اذ فى نسبتهما الى امهما اظهار انتسابهما الى رسول الله صلى الله عليه وسلم نسبا بخلاف نسبتهما الى ابيهما والستر على اولاد الزنى وينصره ما روى عن عائشة رضى الله عنها وابن عباس رضى الله عنهما ان النبى عليه الصلاة والسلام قال " ان الله يدعو الناس يوم القيامة بامهاتهم سترا منه على عباده " كما فى بحر العلوم ويؤديه ايضا حديث التلقين حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اذا مات احد من اخوانكم فسويتم عليه التراب فليقم احدكم على رأس قبره ثم ليقل يا فلان ابن فلانة فانه يسمعه ولا يجيب ثم يقول يا فلان ابن فلانه فانه يستوى قاعدا ثم يقول يا فلان ابن فلانة فانه يقول ارشدك الله رحمك الله ولكن لا تشعرون فليقل اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله وانك رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وبالقرآن اماما وبالكعبة قبلة فان منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه يقول انطلق لا تقعد عن من لقن حجته فيكون حجيجه دونهما " فقال رجل يا رسول الله فان لم يعرف اسم امه قال " فلينسبه الى حواء " ذكره الامام السخاوى فى المقاصد الحسنة وصححه باسانيده وكذا الامام القرطبى فى تذكرته وفهم منه شيآن الاول استحباب القيام وقت التلقين والثانى ان المرء يدعى باسمه واسم امه لا باسم ابيه ولكن جاء فى احاديث المقاصد والمصابيح انه عليه السلام قال " انكم تدعون يوم القيامة باسمائكم واسماء آبائكم " ولعله لا يخالف ما سبق فانه ورد ترغيبا فى تحسين الاسماء وتغيير القبيح منها اذ كانوا يسمون بالاسماء القبيحة على عادة الجاهلية مثل المضطجع واصرم وعاصية ونحوها وكان عليه السلام يغير القبيح الى الحسن فغير اصرم وهو الصرم بمعنى القطع الى زرعة وهو بالضم والسكون قطعة من الزرع كأنه قال لست مقطوعا بل انت منبت متصل بالاصل وغير المضطجع الى المنبعث وعاصية الى جميلة { فمن } هركه را { اوتى } داده شود يومئذ من اولئك المدعوين { كتابه } صحفه اعماله { بيمينه } وهم السعداء وفى ايتاء الكتاب من جانب اليمين تشريف لصاحبه وتبشير { فاولئك } الجمع باعتبار معنى من { يقرأون كتابهم } قراءة ظاهرة مسرورين وينتفعون بما فيه من الحسنات ولم يذكر الاشقياء وان كانوا يقرأون كتبهم ايضا لانهم اذا قرأوا ما فيها لم يفصحوا به خوفا وحياء وليس لهم شئ من الحسنات ينتفعون به { ولا يظلمون } الى لا ينقصون من اجور اعمالهم المرتسمة فىكتبهم بل يؤتونها مضاعفة { فتيلا } اى قدر فتيل وهو ما يفتل بين اصبعين من الوسخ او القشرة التى فى شق النواة او ادنى شئ فان الفتيل مثل فى القلة والحقارة { ومن } وهركه } اى من المدعوين المذكورين { كان فى هذه } الدنيا { اعمى } اعمى القلب لا يهتدى الى رشده.

السابقالتالي
2 3