الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً }

{ تسبح له السموات السبع والارض ومن فيهن } التسبيح تنزيه الحق وتبعيده عن نقائص الامكان والحدوث وتسبيح السموات والارض بلسان الحال الدال على وجود الخالق وقدرته وحكمته وتسبيح من فيهن من الملائكة والجن والانس بلسان القال الناطق بما يسمع منهم على ان المراد بالتسبيح معنى منتظم لما ينطق به لسان المقال ولسان الحال بطريق عموم المجاز وهو الاشتمال على ما يدل على التنزيه فانه مشترك بين اللفظ الدال عليه وبين مثل الحدوث والامكان الدال على تنزيه الله تعالى عن لوازم الامكان وتوابع الحدوث { وان } نافيةاى ما { من شئ } من الاشياء حيوانا كان او نباتا يدل على الصانع وقدرته وحكمته فانها تنطق بذلك. قال الكاشفى تنزيه ميكند اورا ازسمات نقصان وستايش مينمايد بصفات كمال { الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم } الفقه عبارة عن فهم غرض المتكلم من كلامه اى لا تفهمون ايها المشركون لا خلا لكم بالنظر الصحيح الذى به يفهم التسبيح وهم وان كانوا اذا سئلوا عن خالق السموات والارض قالوا الله الا انهم لما جعلوا معه آلهة مع اقرارهم فكأنهم لم ينظروا ولم يقروا لان نتيجة النظر الصحيح والاقرار الثابت خلاف ما كانوا عليه فاذن لم يفهموا التسبيح ولم يستوضحوا الدلالة على الخالق { انه كان حليما } ولذلك لم يعاجلكم بالعقوبة مع انتم عليه من الاعراض عن التدبر فى الدلائل والانهماك فى الاشراك. والحلم تأخير مكافأة الظالم بالنسبة الى الخالق والطمأنينة عند سورة الغضب بالنسبة الى المخلوق { غفورا } لمن تاب منكم ورجع الى التوحيد هذا ما عليه الزمخشرى والبيضاوى وابو السعود ومن يليهم من اهل الظاهر وهم الذين لهم عين واحدة وسمع واحد. وقال الشيخ على السمرقندى قدس سره فى بحر العلوم ذهب السلف الصالح الى ان التسبيح فى الآية فى المحلين محمول على حقيقته وهو الاصح فانه ان كان كلام الجماد مسلما فينبغى ان يكون تسبيحه ايضا مسلما. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " انى لاعرف حجرا بمكة كان يسلم علىّ قبل ان أُبعث انى لاعرفه الآن " وعن ابن مسعود رضى الله عنه ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل على ان شهادة الجوارح والجلود مما نطق به القرآن الكريم. وقال ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله تعالىانا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى والاشراق } كان داود اذا سبح جاوبته الجبال بالتسبيح. وقال مجاهد كل الاشياء تسبح الله حيا كان او جمادا وتسبيحها سبحان الله وبحمده وعن المقداد بن معدى كرب ان التراب يسبح ما لم يبتل والخربزة تسبح ما لم ترفع من موضعها والورق ما دام على الشجر والماء ما دام جارياً والثوب ما دام جديدا فاذا اتسخ ترك التسبيح والوحش والطير اذا صاحت فاذا سكتت تركت التسبيح وفى الحديث

السابقالتالي
2 3 4 5 6