الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }

{ ولا تقف } اى لا تتبع من قفا اثره يقفو نبعه ومنه سميت القافية قافية { ما ليس لك به علم } اى لا تكن فى اتباع ما لا علم لك به من قول او فعل كمن يتبع مسلكا لا يدرى انه يوصل الى مقصده. قال الزمخشرى وقد استدل به مبطل الاجتهاد ولم يصح لان ذلك نوع من العلم فقد اقام الشرع غالب الظن مقام العلم وامر بالعمل به انتهى. يعنى ان لاعتقاد الراجح فى حكم الاعتقاد الجازم للاجماع على وجوب العمل بالشهادة والاجتهاد فى القبلة ونحو ذلك فلا دليل فى الآية على من منع اتباع الظن والعمل بالقياس كالظاهرية { ان السمع } بدرستى كه كوش } { والبصر } وجشم { والفؤاد } ودل { كل اولئك } اى كل واحد من هذه الجوارح فاجراها مجرى العقلاء لما كانت مسئولة عن احوالها شاهدة على اصحابها { كان عنه } عن نفسه وعما فعل به صاحبه { مسئولا } برسيده شده يعنى از ايشان خواهند برسيدكه صاحب شما باشما جه معامله كرده ازسمع سؤال كنند جه شنيدى وازجشم برسندكه جه ديدى وجرا ديدى واز دل برسندكه جه دانستى وجرا دانستى. قال فى بحر العلوم اعلم ان المراد بالنهى عن اتباع كل ما فيه جهل مما يتعلق بالسمع والبصر والقلب كأنه تعالى قال لا تسمع كل ما لا يجوز سماعه ولا تبصر كل ما لا يجوز ابصاره ولا تعزم على كل مالا يجوز لك العزم عليه لان كل واحد منها يسأله الله تعالى ويجازيه ولم يذكر اللسان مع انه من اعظمها لان السمع يدل عليه لان ما يكب الناس على مناخرهم فى نار جهنم الا حصائد ألسنتهم وتلك الحصائد من قبل المسموعات اللازمة للسمع. وفى الآية دلالة على ان العبد مؤاخذ بعزمه على المعصية كما قال تعالىولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم } اى بما كسبت مما يدخل تحت الاختيار من خبائث اعمال القلب من حب الدنيا ومن الرياء والعجب والحسد والكبر والنفاق مثلا واما ما لا يدخل تحت الاختيار فلا يؤاخذ به الا ترى الى قوله عليه السلام " عفى عن امتى ما حدثت بها نفوسها " قال فى الاشباه والنظائر حديث النفس لا يؤاخذ به ما لم يتكلم او يعمل به كما فى حديث مسلم وحاصل ما قالوه ان الذى يقع فى النفس من قصد المعصية علىخمس مراتب الهاجس وهو ما يلقى فيها ثم جريانه فيها وهو الخاطر ثم حديث النفس وهو ما يقع فيها من التردد هل يفعل اولا ثم الهم وهو ترجيح قصد العمل ثم العزم وهو قوة ذلك القصد والجزم به فالهاجس لا يؤاخذ به اجماعا لانه ليس من فعله وانما هو شئ اورد عليه لا قدرة له على رده ولا صنع والخاطر الذى بعده كان قادرا على دفعه بصرف الهاجس اول وروده ولكن هو وما بعده من حديث النفس مرفوعان بالحديث الصحيح واذا ارتفع حديث النفس ارتفع ما قبله بالاولى.

السابقالتالي
2