الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَوْفُوا ٱلْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِٱلقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }

{ واوفوا بالعهد } سواء جرى بينكم وبين ربكم او بينكم وبين غيركم من الناس والايفاء بالعهد والوفاء به هو القيام بمقتضاه بالمحافظة عليه ولا يكاد يستعمل الا بالباء فرقا بينه وبين الايفاء الحسى كايفاء الكيل والوزن { ان العهد كان مسئولا } مطلوبا يطلب من المعاهد ان لا يضيعه ويفى به فمسؤلا من سألته الشئ او كان مسؤولا عنه على ان يكون من سألته عن الشئ فيكون من باب الحذف والايصال فان جعل الضمير بعد انقلابه مرفوعا مستكنا فى اسم المفعول كقوله تعالىوذلك يوم مشهود } اى مشهود فيه. وفى الكواشى او يسأل حقيقة توبيخا لنا كثيه كسؤال الموؤدة لم قتلت توبيخا لقاتلها فيكون تمثيلا اى جعل العهد متمثلا على هيئة من يتوجه السؤال اليه كما تجعل الحسنات اجساما نورانية والسيآت اجساما ظلمانية فتوزن كما فى حواشى سعدى المفتى { وافوا الكيل } اى اتموه ولا تخسروه { اذا كلتم } وقت كيلكم للمشترين وتقييدا لامر بذلك لان التطفيف هناك واما وقت الاكتيال على الناس فلا حاجة الى الامر بالتعديل قال تعالى { اذا اكتالوا على الناس يستوفون } { وزنوا بالقسطاس } وهو القرسطون اى القبان وهو معرب كبان بمعنى الميزان العظيم او هو كل ما يوزن به من موازين العدل صغيرا كان او كبيرا. قال بعضهم هو معرب رومى ولا يقدح ذلك فى عربية القرآن لانتظام المعربات فى سلك الكلم العربية. وقال فى بحر العلوم والجمهور على انه عربى مأخوذ من القسط وهو العدل وهو الاصح فان كان من القسط وجعلت العين مكررة فوزنه فعلاس والا فهو رباعى على وزن فعلال { المستقيم } اى العدل السوى ولعل الاكتفاء باستقامته عن الامر بايفاء الوزن لما انه عند استقامته لا يتصور الجور غالبا بخلاف الكيل فان كثير ما يقع التطفيف مع استقامة الآلة كما ان الاكتفاء بايفاء الكيل عن الامر بتعديله لما ان ايفاءه لا يتصور بدون تعديل المكيال وقد امر بتقويمه ايضا فى قوله تعالىاوفوا المكيال والميزان بالقسط } { ذلك } اى ايفاء الكيل والوزن السوى { خير } لكم فى الدنيا اذ هو امانة توجب الرغبة فى معاملته والذكر الجميل { واحسن تأويلا } عاقبة تفعيل من آل اذا رجع والمراد ما يؤول اليه. اعلم ان رابع الخصال العشر المذمومة الغضب وهى فى قوله تعالىولا تقتلوا النفس التى حرم الله الا بالحق } فان استيلاء الغضب يورث القتل بغير الحق فبدله بالحكم فى قولهومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا } وفى الحديث " قرب بالخلائق من عرش الرحمن يوم القيامة المؤمن الذى قتل مظلوما رأسه عن يمينه وقاتله عن شماله واوداجه تشخب دما فيقول رب سل هذا لم قتلنى فبم حال بينى وبين صلواتى فيقول الله تعست ويذهب به الى النار "

السابقالتالي
2