الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { وَٱللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ ٱلْسَّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ }

{ وما انزلنا عليك الكتاب } اى القرآن لعلة من العلل { الا لتبين لهم } اى للناس { الذين اختلفوا فيه } من التوحيد واحوال المعاد والحلال والحرام والمراد بالمختلفين المؤمنون والكافرون كما فى الكواشى { وهدى ورحمة } معطوفوان على محل لتبين وانتصابهما لانهما فعلا الذى انزل الكتاب بخلاف التبين فانه فعل المخاطب لا فعل المنزل اى وللهداية من الضلالة والرحمة من العذاب { لقوم يؤمنون } وتخصيصهم لانهم المنتفعون بالقرآن. قال سهل بن عبد الله لا يتصل احد بالله حتى يتصل بالقرآن ولا يتصر بالقرآن حتى يتصل بالرسول ولا يتصل بالرسول حتى يتصل بالاركان التى قام بها الاسلام - حكى - عن مالك بم دينار انه قال يا حملة القرآن ماذا زرع القرآن فى قلوبكم فان القرآن ربيع المؤمن كما ان الغيث ربيع الارض. وعن على بن ابى طالب كرم الله وجهه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " انها ستكون فتنة " قلت ما المخرج منها يا رسول الله قال " كتاب الله فيه نبأ ما كان قبلكم وخبر ما كان بعدكم وحكم ما بينكم وهو العلم وهو الفصل ليس بالهزل لا تشبع منه العلماء وهو حبل الله المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به اجر ومن دعا اليه فقد هدى الى صراط مستقيم " ثم ان تبيين احكام القرآن للعامة وحقائقه للخاصة انما هو لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالاصالة والاستقلال ولورثته بعده قرنا بعد قرن بالفرعية والتبعية. فعلماء الظواهر يخلصون الناس من الاختلاف فيما يتعلق بالظواهر بالبيان الصريح. وعلماء البواطن يخلصونهم من الاختلاف فيما يتعلق بالبواطن بالكشف الصحيح ولكل منهم مشرب لا يخيب وارده وهم اساطين الدين وسلاطين المسلمين. واعلم ان الاتعاظ بالمواعظ القرآنية يدخل العبد فى السعادة الباقية ويخلصه من الحظوظ النفسانية - حكى - ان ابراهيم بن ادهم سر ذات يوم بمملكته ونعمته ثم نام فرأى رجلا اعطاه كتابا فاذا فيه مكتوب لا تؤثر الفانى على الباقى ولا تغتر بملكك فان الذى انت فيه جسيم لولا انه عديم فسارع الى امر الله فانه يقولوسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة } فانتبه فزعا وقال هذا تنبيه من الله تعالى وموعظة وهدى ورحمة فتاب الى الله واشتغل بالطاعة قال المولى الجامى قدس سره
هركه دل برعشوه كيتى نهاد برحذر باش از غرور وجهل او دامن او كير كزهمت فشاند آستين بردنبى وبراهل او   
شرفنا الله واياكم بالعصمة عن الهوى وبالتمسك باسباب الهدى { والله انزل من السماء } الى السحاب ومنه الى الارض { ماء } نوعا خاصا من الماء وهو المطر { فاحيا به الارض } اى انبت بسبب المطر فى الارض انواع النباتات { بعد موتها } اى بعد يبسها شبه تهييج القوى النامية فى الارض واحداث نضارتها بانواع النباتات بالاحياء وهو اعطاء الحياة وهى صفة تقتضى الحس والحركة وشبه يبوستها بعد نضارتها بالموت بعد الحياة وما يفيده الفاء من التعقيب العادى لا ينافيه ما بين المعطوفين من المهلة { ان فى ذلك } اى فى انزال الماء من السماء واحياء الارض الميتة به { لآية } دالة على وحدته تعالى وعلمه وقدرته وحكمته اذ الاصنام وغيرها لا تقدر على شئ { لقوم يسمعون } هذا التذكير ونظائره سماع تفكر وتدبر فكأنه من ليس كذلك اصم لا يسمع وفى المثنوى

السابقالتالي
2