الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُاْ ظِلاَلُهُ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَٱلْشَّمَآئِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ } * { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ }

{ أو لم يروا } الهمزة للانكار وهى داخلة فى الحقيقة على النفى وانكار النفى نفى له ونفى النفى اثبات. والرؤية هى البصيرة المؤدية الى التفكر والضمير لكفار مكة اى ألم ينظروا ولم يروا { الى ما خلق الله } اى قد رأوا امثال هذه الصنائع فما لهم لم يتفكروا فيه ليظهر لهم كمال قدرته وقهره فيخافوا منه { من شئ } بيان لما الموصولة اى من كل شئ { يتفيؤا ظلاله } اى ترجع شيئًا فشيئًا من جانب الى جانب وتدور من موضع الى موضع حسبما تقتضيه ارادة الخالق فان التفئ مطاوع الافاءة. قال فى تهذيب المصادر التفيء باز آمدن سايه بعد ازانتصاف النهار ولا يكون التفيئ الا بالعشى قال الله تعالى { يتفيؤا ظلاله } انتهى. والظلال جمع الظل وهو بالفارسية سايه والجملة صفة لشئ. قال فى الارشاد ولعل المراد بالموصول الجمادات من الجبال والاشجار والاحجار التى لا يظهر لظلالها اثر سوى التفيء بارتفاع الشمس وانحدارها واما الحيوان فظله يتحرك بتحركه. وفى التبيان يريد به الشجر والنبات وكل جسم قائم له ظل { عن اليمين والشمائل } متعلق بيتفيء. والشمائل جمع شمال. وضد اليمين وبالفتح الريح التى مهبها بين مطلع الشمس وبنات نعش او من مطلع النعش الى مسقط النسر الطائر كما فى القاموس اى ألم يروا الاشياء التى لها ظلال متفيئة عن ايمانها وشمائلها اى عن جانبي كل واحد منها وشقيه. وفى التبيان اى فى اول النهار عن اليمين وفى آخره عن الشمال يعنى من جانب الى جانب اذا كنت متوجها الى القبلة استعارة من يمين الانسان وشماله بجانبى الشئ وتوحيد اليمين وجمع الشمائل لان مذهب العرب اذا اجتمعت علامتان فى شىء واحد ان يلغى واحد ويكتفى باحدهما كقوله تعالىوعلى سمعهم وعلى ابصارهم } وقوله تعالى { يخرجهم من الظلمات الى النور } كذا فى الاسئلة المقحمة. والاشارة ان المخلوقات على نوعين. منها ما خلق من شئ كعالم الخلق وهو عالم الجسام. ومنها ما خلق من غير شئ كعالم الامر وهو عالم الارواح كما قال تعالىألا له الخلق والامر } وانما سمى عالم الارواح الامر لانه خلقه بامر كن من غير شئ بلازمان كما قال تعالىخلقتك من قبل ولم تك شيئاً } يعنى خلقت روحك من قبل خلق جسدك ومنه قوله عليه السلام " ان الله خلق الارواح قبل الاجساد بالفى الف عام " كذا فى التأويلات النجمية { سجدا لله } اى حال كون تلك الظلال ساجدين لله دائرين على مراد الله فى الامتداد والتقلص وغيرهما غير ممتنعة عليه فيما سخرها له من التفيء { وهم داخرون } يقال دخر كمنع وفرع دخورا ودخر صغر وذل وادخره كما فى القاموس وهو حال من الضمير فى ظلاله والجمع باعتبار المعنى اذ المراد ظلال كل شئ وايراد صيغة الخاصة بالعقلاء لان الدخور من خصائصهم او لان من جملة ذلك من يعقل فغلب.

السابقالتالي
2