الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبْتُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }

{ انما جعل السبت } اى فرض تعظيم يوم السبت والتخلى فيه للعبادة وترك الصد فيه فتعدية جعل بعلى لتضمينه معنى فرض والسبت يوم من ايام الاسبوع بمعنى القطع والراحة فسمى به لانقطاع الايام عنه إذ هو آخر أيام الاسبوع وفيه فرغ الله من خلق السموات والارض او لان اليهود يستريحون فيه من الاشغال الدنيوية ويقال اسبتت اليهود اذا عظمت سبتها وكان اليهود يدعون ان السبت من شعائر الاسلام وان ابراهيم كان محافظا عليه اى ليس السبت من شعائر ابراهيم وشعائر ملته التى امرت يا محمد باتباعها حتى يكون بينه صلى الله عليه وسلم وبين بعض المشركين علاقة فى الجملة وانما شرع ذلك لبنى اسرائيل بعد مدة طويلة. قال الكاشفى در زاد المسير أورده كه آن روز حضرت موسى عليه السلام يكى را ديدكه متعاى را برداشته بجايى ميبرد بفرمود تاكردنش بزدند وتنش را در محلى بيفكندندكه مرغان مردار خوار جهل روز اجرا واحشاى اومى خوردند وذلك لهتك حرمة شريعته بمثل ذلك العمل
كرا شرع فتوى دهد برهلاك الا تاندارى زكشتنش باك   
{ على الذين اختلفوا فيه } منشأ الاختلاف هو الطرف المخالف للحق وذلك ان موسى عليه السلام امر اليهود ان يجعلوا فى الاسبوع يوما واحدا للعبادة وان يكون ذلك يوم الجمعة فابوا عليه وقالوا نريد اليوم الذى فرغ الله فيه من خلق السموات والارض وهو السبت الا شر ذمة منهم قد رضوا بالجمعة فاذن الله لهم فى السبت وابتلاهم بتحريم الصيد فيه فاطاع امر الله تعالى الرضوان بالجمعة فكانوا لا يصيدون واما غيرهم فلم يصبروا عن الصيد فمسخهم الله قردة دون اولئك المطيعين. يقول الفقير اما الفرقة الموافقة فنجوا لانقيادهم لامر الله تعالى وفناء باطنهم عن الارادة التى لم تنبعث من الله تعالى واما الفرقة المخالفة فهلكوا لمخالفتهم لامر الله تعالى وبقائهم بنفوسهم الامارة ولا شك ان من اجبر وفق ومن تحرك بارادته وكل الى نفسه { وان ربك ليحكم بينهم } اى بين الفريقين المختلفين فيه { يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون } اى يفصل ما بينهما من الاختلاف فيجازى الموافق بالثواب والمخالف بالعقاب وفيه ايماء الى ان ما وقع فى الدنيا من مسخ احد الفريقين وانجاء الآخر بالنسبة الى ما سيقع فى الآخرة شئ لا يعتد به وفى الحديث " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة اوتينا من بعدهم " يعنى يوم الجمعة فهذا يومهم الذى فرض عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له فلنا اليوم ولليهود غدا وللنصارى بعد غد. وفى الآية اشارة الى ان الاختلاف فيما ارشد الله به الناس الى الصراط المستقيم من الاوامر والنواهى لاستحلال بعضها وتحريم بعضها ابتداعا منهم على وفق الطبع والهوى وان كان التشديد فيه على انفسهم يكون وبالا عليهم وضلالا عن الصراط المستقيم.

السابقالتالي
2