الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَٱلَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ }

{ انما سلطانه } اى تسلطه وغلبته بدعوته المستتبعة للاستجابة لا سلطانه بالقسر والالجاء فانه منتف عن الفريقين لقوله تعالى حكاية عنه { وما كان لى عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فاستجبتم لى } وقد افصح عنه قوله تعالى { على الذين يتولونه } اى يتخذونه وليا ويستجيبون دعوته ويطيعونه فان المقسور بمعزل عن ذلك كذا فى الارشاد وهو جواب عما قال السمرقندى فى تفسيره من ان فى بناء الكلام على الحصر والاختصاص ردا للشيطان فى قوله للكفرة فى جهنم { وما كان لى عليكم من سلطان } وتكذيبا له انتهى. { والذين هم به } سبحانه وتعالى { مشركون } مثبتون الشريك فى الالوهية او بسبب الشيطان اذ هو الذى حملهم على الاشراك بالله قال فى التأويلات النجمية الخطاب فى هذه الآية مع الامة وان خص النبى صلى الله عليه وسلم لان الشيطان كان يفر من ظل عمر رضى الله عنه وهو احد تابعيه فكيف يقدر على ان يدور اليه سيما اسلم شيطانه على يده صلى الله عليه وسلم يدل عليه قوله { انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون } يعنى سلطان نور الايمان والتوكل غالب على سلطان وسوسة الشيطان فاذا كان هذا حال الامة مع الشيطان فكيف يكون حال النبوة معه فثبت ان المراد بالخطاب الامة وانما خص النبى صلى الله عليه وسلم به لتعتبر الامة وتتنبه ان مثل النبى صلى الله عليه وسلم مهما يكن مأمورا بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فتكون الامة بها اولى واحق. قال بعضهم هل المراد كل شيطان او القرين فقط الظاهر انه فى حقنا القرين قال الله تعالىومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين } وفى حق رسول الله صلى الله عليه وسلم ابليس اما نحن فلان الانسان لا يؤذيه من الشياطين الا ما قرن به وما بعد فلا يضره شيئا والعاقل لا يستعيذ ممن لا يؤذيه واما الرسول صلى الله عليه وسلم فان قريته لما اسلم تعين ان يكون الاستعاذة من ابليس او اكابر جنوده وتخصيص الاستعاذة بالله عند قراءة القرآن من الشيطان الرجيم لمعان وفوائد اولها كى يتذكر القارئ واقعة الشيطان وبتفكر فى امره انه انما صار شيطانا رجيما بعد ان كان ملكا كريما لانه فسق عن امر ربه وخالفه وابى ان يسجد لآدم واستكبر وكان من الكافرين اى فصار من الكافرين فينتبه بذلك عند قراءة القرآن ويصفى نيته قبل القراءة على ان يأتمر بما امر الله فى القرآن وينتهى عما نهاه عنه احترازا عن المخالفة فان فيها الطرد واللعن والرجم والفسق والكفر وانها مظنة للخلود فى النار وثانيها لان العبد لا يخلو من حديث النفس وهواجسها ومن القاء الشيطان ووساوسه وقلبه لا بد يتشوش بذلك فلا يجد حلاوة كلام الله فامر بالاستعاذة وتزكيته للنفس عن هواجسها وتصفيته للقلب عن وساوس الشيطان ليتجلى بنور القرآن فان التجلية تكون بعد التزكية والتصفية وثالثها لان فى كل كلمة من كلمات القرآن لله تعالى اشارات ومعانى وحقائق لا يفهمها الا قلب مطهر عن تلوثات الهواجس والوساوس معطر بطيب انفاس الحق وذلك مودع فى الاستعاذة بالله فامر بها لحصول الفهم - وروى - جبير بن مطعم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى فقال

السابقالتالي
2 3