الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

{ عما كانوا يعملون } فى الدنيا من قول وفعل وترك. وقال فى بحر العلوم فان قلت قد ناقض هذا قولهفيومئذ لا يسأل عن ذنبه انس ولا جان } قلت ان يوم القيامة يوم طويل مقدار خمسين الف سنة ففيه ازمان واحوال مختلفة فى بعضها لا يسألون ولا يتكلمون كما قال النبى عليه الصلاة والسلام " تمكثون الف عام فى الظلمة يوم القيامة لا تتكلمون " وفى بعضها يسألون ويتساءلون قال الله تعالىواقبل بعضهم على بعض يتساءلون } وفى بعضها يتخاصمون. وقال كثير من العلماء يسألهم عن لا اله الا الله وهى كلمة النجاة وهى كلمة الله العليا لو وضعت فى كفة والسموات والارضون السبع فى كفة لرجحت بهن من قالها مرة غفر له ذنوبه وان كانت مثل زبد البحر قال المغربى
اكرجه آيينه دارى از براى رخش ولى جه سودكه دارى هميشه آينه تار بيا بصيقل توحيد زآينه بردار غبار شرك كه تاباك كردد از زنكار   
وفى التأويلات النجمية كان النبى عليه الصلاة والسلام مأمورا باظهار مقامه وهو النبوة وبتعريف نفسه انه نذير للكافرين كما انه بشير للمؤمنين وانه لما امر بالرحمة والشفقة ولين الجانب للؤمنين بقولهواخفض جناحك للمؤمنين } اظهارا للطف امر بالتهديد والوعيد والانذار بالعذاب للكافرين اظهارا للقهر بقولهوقل انى انا النذير المبين كما انزلنا على المقتسمين } اى ننزل عليكم العذاب كما انزلنا على المقتسمين وهو الذين اقتسموا قهر الله المنزل على انفسهم بالاعمال الطبيعية غير الشرعية فانها مظهر قهر الله وخزائنه كما ان الاعمال الشرعية مظهر لطف الله وخزائنه فمن قرع باب خزانة اللطف اكرم الله به وانعم به عليه ومن دق باب خزانة القهر اهين به وعذب ثم اخبر عن اعمالهم التى اقتسموا قهر الله بها على انفسهم بقولهالذين جعلوا القرآن عضين } اى جزأوه اجزاء فى الاستعمال فقوم قرأه وداموا على تلاوة ليقال لهم القراء وبه يأكلون وقوم حفظوه بالقراآت ليقال لهم الحافظ وبه يأكلون وقوم حصلوا تفسيره وتأويله طلبا للشهرة واظهارا للفضل ليأكلوا به وقوم استخرجوا معانيه واستنبطوا فقهه وبه يأكلون وقوم شرعوا فى قصصه واخباره ومواعظه وحكمه وبه يألكون وقوم اولوه على وفق مذاهبهم وفسروه بآرائهم فكفروا لذلك ثم قالفوربك لنسألنهم اجمعين عما كانوا يعملون } انما عملوه بالله وفى الله ولله او بالطبع فى متابعة النفس للمنافع الدنيوية نظيره قولهليسأل الصادقين عن صدقهم } انتهى ما فى التأويلات. قوله عن صدقهم اى عنده تعالى لا عندهم كذا فسره الجنيد قدس سره وهو معنى لطيف عميق فان الصدق والاسلام عند الخلق سهل ولكن عند الحق صعب فتسأل الله تعالى ان يجعل اسلامنا وصدقنا حقيقيا مقبولا لا اعتباريا مردودا. وعن ابى القاسم الفقيه انه قال اجمع العلماء على ثلاث خصال انها اذا صحت ففيها النجاة ولا يتم بعضها الا ببعض الاسلام الخالص عن الظلمة وطيب الغذاء والصدق لله فى الاعمال. قال فى درياق الذنوب وكان عمر بن عبد العزيز يخاف مع العدل ولا يأمن العدول رؤى فى المنام بعد موته باثنتى عشرة سنة فقال الآن تخلصت من حسابى فاعتبر من هذا يا من اكب على الاذى