الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ }

{ فاذا سويته } اى صورته بالصورة الانسانية والخلقة البشرية { ونفخت فيه من روحى } النفخ اجراء الريح الى تجويف جسم صالح لامساكها والامتلاء بها وهو كناية عن ايجاد الحياة ولا نفخ ثمة ولا منفوخ بل ليس عند الحقيقة الالقاء الموجد اسم فاعل بالموجد اسم مفعول وسريان هويته اليه وظهور صفته وفعله فيه. قال الشيخ عز الدين النفخ عبارة عما اشعل نور الروح فى المحل القابل فالنفخ سبب الاشعال وصورة النفخ فى حق الله تعالى محال والمسبب غير محال فعبر عن نتيجة النفخ بالنفخ وهو الاشعال واما السبب الذى اشتعل به نور الروح فهو صفة فى الفاعل وصفة فى المحل القابل اما صفة الفاعل فالجود الذى هو ينبوع الوجود وهو فياض بذاته على كل موجود حقيقة وجوده ويعبر عن تلك الصفة بالقدرة ومثالها فيضان نور الشمس على كل قابل الاستنارة عند ارتفاع الحجاب فيما بينهما والقابل هو الملونات دون الهواء الذى لا تلون له واما صفة المحل القابل فالاستواء والاعتدال الحاصل فى التسوية كما قال تعالى { فاذا سويته } ومثال صفة القابل صقالة المرآة فان المرآة قبل صقالتها لا تقبل الصورة وان كانت محاذية لها فاذا صقلت حدثت صورة من ذى الصورة المحاذية لها فكذلك اذا حصل الاستواء فى النطفة حدث فيها الروح
آن صفاى آينه وصف دلست صورت بى منتهارا قابلست اهل صيقل رسته انداز بوورنك هر دمى بينند خوبى بى درنك   
وانما اضاف النفخ الى ذاته لانه تعالى باشر تسويته وتعديله فخلقه وسواه وعدله بيديه المقدستين ثم نفخ بذاته دون واسطة فيه من روحه الاضافى وهو نفسه الرحمانى الذى يقال له الوجود الظلى المشار اليه بقولهألم تر الى ربك كيف مد الظل } نفخا استلزم لكونه نفخا بالذات فيما بوشرت تسويته باليدين معرفة الاسماء كلها جمالية لطيفة كانت او جلالية قهرية. قال الشيخ عز الدين لروح منزهة عن الجهة والمكان وفى قوتها العلم بجميع الاشياء والاطلاع عليها وهذه مناسبة ومضاهاة ليست لغيره من الجسمانيات فلذلك اختصت بالاضافة الى الله تعالى. قال الامام الجلدكى فى كتاب الانسان من كتاب البرهان جوهر الانسان حقيقة واحدة فى الفطرة الاولى ذات قوى كثيرة وهو المسمى عند الصوفية روحا وقلبا وعند الحكيم نفسا ناطقة فاذا تعلق بالبدن انتشرت قواه واختفى نوره وحصل له مراتب كثيرة وعند احتجاجه بغواشى النشأة واستحالته بالامور الطبيعية يسمى نفسا وعند تجرده وظهور نوره يسمى عقلا وعند اقباله على الحق ورجوعه الى العالم القدسى ومشاهدته يسمى روحا وباعتبار اطلاعه ومعرفته للحق وصفاته واسمائه جمعا وتفصيلا يسمى قلبا وباعتبار ادراكه للجزئيات فقط واتصافه بالملكات والهيآت التى هى مصادر الافعال يسمى نفسا انتهى كلامه.

السابقالتالي
2 3