الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }

{ ولقد ارسلنا موسى } ملتبسا { بآياتنا } يعنى اليد والعصا وسائر معجزاته الدالة على صحة نبوته { ان } مفسرة لمفعول مقدر للفظ دال على معنى القول مؤد معناه اى ارسلناه بامر هو { اخرج قومك من الظلمات } من انواع الضلال التى كلها ظلمات محض كالكفر والجهالة والشبهة ونحوها { الى النور } الى الهدى كالايمان والعلم واليقين وغيرها. وقال المولى ابو السعود رحمه الله الآيات معجزاته التى اظهرها لبنى اسرائيل والمراد اخراجهم بعد مهلك فرعون من الكفر والجهالات التى ادتهم الى ان يقولوا يا موسى اجعل لنا الها كمالهم آلهة الى الايمان بالله وتوحيده وسائر ما امروا به انتهى. يقول الفقير قد تقرر ان القرآن يفسر بعضه بعضا فقوله تعالىولقد ارسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين الى فرعون وملئه } ينادى باعلى صوته على ان المراد بالآيات غير التوراة وبالقوم القبط وهو فرعون واتباعه وان الآية محمولة على اول الدعوة ولما كان رسولنا صلى الله عليه وسلم مبعوثا الى الكافة قال الله تعالى فى حقهلتخرج الناس } ولم يقل لتخرج قومك كما خصص وقال هنالكباذن ربهم } وطواه هنا لان الاخراج بالفعل قد تحقق فى دعوته عليه السلام فكان امته امة دعوة واجابة ولم يتحقق فى دعوة موسى اذا لم يجبه القبط الى ان هلكوا او ان اجابه بنو اسرائيل والعمدة فى رسالته كان القبط ومن شأن الرسول تقديم الانذار حين الدعوة كما قال نوح عليه السلام فى اول الامرانى لكم نذير مبين } ولذا وجب حمل قوله تعالى { وذكرهم بايام الله } على التذكير بالوقائع التى وقعت على الامم الماضية قبل قوم نوح وعاد وثمود. والمعنى وعظمهم وانذرهم ما كان فى ايام الله من الوقائع ليحذروا فيؤمنوا كما يقال رهبوت خير من رحموت اى لان ترهب خير من ان ترحم وايام العرب ملاحمها وحروبها كيوم حنين ويوم بدر وغيرهما. وقال بعضهم ذكرهم نعمائى ليؤمنوا بى كما روى ان الله تعالى اوحى الى موسى ان حببنى الى عبادى فقال يا رب كيف احببك الى عبادك والقلوب بيدك فاوحى الله تعالى ان ذكرهم نعمائى ومن هنا وجب الكلام عند الكلام بما يرجح رجاءه فيقال لا تحزن فقد وفقك الله للحج او للغزو او لطلب العلم او نحو ذلك من وجوه الخير ولو لم يرد بك خيرا لما فعله فى حقك فهذا تذكير أى تذكير وايام الله فى الحقيقة هى التى كان الله ولم يكن معه شيء من ايام الدنيا ولا من ايام الآخرة. فعلى السالك ان يتفكر ثم يتذكر كونه فى مكنون علم الله تعالى ويخرج من الوجود المجازى المقيد باليوم والليل ويصل الى الوجود الحقيقى الذى لا يوم عنده ولا ليل { ان فى ذلك } اشارة الى ايام الله { لآيات } عظيمة او كثيرة دالة على وحدانية الله وقدرته وعلمه وحكمته { لكل صبار } مبالغ فى الصبر على طاعة الله وعلى البلايا { شكور } مبالغ فى الشكر على النعم والعطايا كأنه قال لكل مؤمن كامل اذ الايمان تصفيان نصفه صبر ونصفه شكر وتخصيص الآيات بهم لانهم المنتفعون بها لا لانها خافية عن غيرهم فان التبيين حاصل بالنسبة الى الكل وتقديم الصبر لكون الشكر عاقبته آخر هركريه آخر خنده ايست فالمنذرون المذكرون بالكسر صبروا على الاذى والبلاء فظفروا والعاقبة للمتقين والمنذرون المذكرون بالفتح تمادوا فى الغى والضلال فهلكوا ألا بعدا للقوم الظالمين وفى المثنوى

السابقالتالي
2