الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ }

{ قل لعبادى الذى آمنوا } قال بعض الحكماء شرف الله عباده بهذه الياء وهى خير لهم من الدنيا وما فيها لان فيها اضافة الى نفسه والاضافة تدل على العتق لان رجلا لو قال لعبده يا ابن او ولد لا يعتق ولو قال يا ابنى او ولدى يعتق بالاضافة الى نفسه كذلك اذا اضاف العباد الى نفسه فيه دليل ان يعتقهم من النار ولا شرف فوق العبودية قال الجامى
كسوت خواجكى وخلعت شاهى جه كند هركرا غاشية بند كيت بردوشست   
وكان سلطان العارفين ابو يزيد البسطامى قدس سره يقول الخلق يفرون من الحساب وانا اطلبه فان الله تعالى لو قال لى اثناء الحساب عبدى لكفانى شرفا والمقول هنا محذوف دل عليه الجواب اى قل لهم اقيموا وانفقوا { يقيموا الصلوة وينفقوا مما رزقناهم } اى يداوموا على ذلك. وبالفارسية بكو اى محمد صلى الله عليه وسلم يعنى امركن مربند كان مراكه ايمان آورده اندبرين وجه كه نماز كزاريد ونفقه كنيد تاايشان بامر تونماز كزارند ونفقه دهند از آنجه عطاداده ياايشان ازامول ويجوز ان يكون المقول يقيموا وينفقوا على ان يكونا بمعنى الامر وانما اخرجا عن صورة الخبر للدلالة على التحقيق بمضمونها والمسارعة الى العمل بهما فان قيل لو كان كذلك لبقى اعرابه بالنون. قلنا يجوز ان يبنى على حذف النون لما كان بمعنى الامر { سرا وعلانية } منتصبان على المصدر من الامر المقدور اى نفقوا انفاق سر وعلانية او على الحال اى ذوى سر وعلانية بمعنى مسرين ومعلنين او على الظرف اى وقتى سر وعلانية. والاحب فى الانفاق اخفاء المتطوع واعلان الواجب وكذا الصلوات والمراد حث المؤمنين على الشكر لنعم الله تعالى بالعبادة البدنية والمالية وترك التمتع بمتاع الدنيا والركون اليها كما هو صنيع الكفرة { من قبل ان يأتى } قال فى الارشاد الظاهر ان من متعلقة لانفقوا { يوم } وهو يوم القيامة { لا بيع فيه } فيبتاع المقصر ما يتلافى تقصيره به وتخصيص البيع بالذكر لاستلزام نفيه نفى الشراء { ولا خلال } ولا مخالة فيشفع له خليل والمراد المخالة بسبب ميل الطبع ورغبة النفس فلا يخالف قوله تعالىالاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين } لان الواقع فيما بينهم المخالة لله ام من قبل ان يأتى يوم القيامة الذى لا انتفاع فيه بمبايعة ولا مخالة وانما ينتفع فيه بالطاعة التى من جملتها اقامة الصلاة والانفاق لوجه الله تعالى وادخار المال وترك انفاقه انما يقع غالبا للتجارات والمهاداة فحيث لا يمكن ذلك فى الآخرة فلا وجه لادخاره الى وقت الموت. وفى الآية اشارة الى الاعمال الباطنة القلبية كالايمان والى الاعمال الظاهرة القالبية كاقامة الصلاة والانفاق. قال ابو سعيد الخراسانى قدس سره خزائن الله فى السماء وخزائنه فى الارض القلوب لانه تعالى خلق قلب المؤمن بيت خزائنه ثم ارسل ريحا فهبت فيه فكنسته من الكفر والشرك والنفاق والغش ثم انشأ سحابة فامطرت فيه ثم انبت شجرة فاثمرت الرضى والمحبة والشكر والصفوة والاخلاص والطاعة ثم طاب الظاهر بحسب طيب الباطن.

السابقالتالي
2