الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِيۤ أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ لِّتَتْلُوَاْ عَلَيْهِمُ ٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ }

{ وكذلك } اى مثل ما ارسلنا الرسل الى اممهم قبلك يا محمد { ارسلناك فى امة } بمعنى الى كما فى قوله تعالىفردّ ايديهم فى افواههم } وفى بحر العلوم وانما عدى الارسال بفى وحقه ان يعدى بالى لان الامة موضع الارسال { قد خلت } مضت وتقدمت { من قبلها } عائد الى امة على لفظها { امم } ارسلوا اليهم فليس ببدع ارسالك الى امتك ثم علل الارسال فقال { لتتلو عليهم الذى اوحينا اليك } ضمير عليهم راجع الى امة على معناها اى لتقرأ عليهم الكتاب العظيم الذى اوحينا اليك وهو القرآن وما فيه من شرائع الاسلام وتزينهم بحلية الايمان فان المقصود من نزول القرآن هو العمل بما فيه وتحصيل السيرة الحسنة لا التلاوة المحضة والاستماع المجرد فالعامى المتعبد راجل سالك والعالم المتهاون راكب نائم قال السعدى تلميذ بى ارادت عاشق بى زرست ورونده بى معرفت مرغ بى برو عالم بى عمل درخت بى بر وزاهد بى علم خانه بى در { وهم يكفرون بالرحمن } حال من فاعل ارسلناك اى وحالهم انهم يكفرون بالله الواسع الرحمة ولا يعرفون قدر رحمته وانعامه اليهم بارسالك وانزال القرآن العظيم عليهم - وروى - ان ابا جهل سمع النبى عليه السلام وهو فى الحجر يدعو يا الله يا رحمن فرجع الى المشركين وقال ان محمدا يدعو الهين يدعو الله ويدعو آخر يسمى الرحمن ولا نعرف الرحمن الا رحمن اليمامة يعنى به مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة وهى بلدة فى البادية فنزلت هذه الآية { قل } لهم يا محمد { هو } اى الرحمن الذى كفرتم به وانكرتم معرفته { ربى } خالقى ومتولى امرى { لا اله الا هو } خبر بعد خبر اى هو مجامع لهذين الوصفين من الربوبية والالوهية فلا مستحق للعبادة سواه ومعناه لا اله الا هو الواحد المختص بالالهية { عليه توكلت } اليه اسندت امرى فى العصمة من شركم والنصرة عليكم { واليه } لا الى غيره { متاب } مصدر تاب يتوب واصله متابى اى مرجعى ومرجعكم فيرحمنى وينتقم لى منكم والانتقام من الرحمن اشد ولذا قيل نعوذ بالله من غضب الحليم قال الحافظ
بمهلتى كه سبهرت دهد زراه مرو ترا كه كفت كه اين زال ترك دستان كفت   
والاشارة الى ان الامم لما كفروا بالله كفروا بالرحمن لان الرحمانية قد اقتضت ايجاد المخلوقات فان القهارية كانت مقتضية الواحدية بان لا يكون معه احد فسبقت الرحمانية القهارية فى ايجاد المخلوقات ولهذا السر قال تعالىان كل من فى السموات والارض الا آتى الرحمن عبدا } فارسل الله الرسل وانزل معهم الكتب ليقرأوا عليهم ويذكروهم بايام الله التى كان الله ولم يكن معه شيء ثم اوجدهم واخرجهم من العدم الى الوجود وهو الذى رب كل شيء وخالقه ولا اله الا هو واليه المرجع والمآب كما فى التأويلات النجمية.

السابقالتالي
2