الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ }

{ والذين صبروا } على ما تكرهه النفوس من انواع المصائب ومخالفة الهوى من مشاق التكاليف { ابتغاء وجه ربهم } طلبا لرضاه من غير ان ينظروا الى جانب الخلق رياء وسمعة ولا الى جانب النفس زينة وعجبا. واعلم ان مواد الصبر كثيرة منها. الصبر على العمى وفى الحديث القدسى " اذا ابتليت عبدى بحبيبتيه " اى العينين وسميتا بذلك لانهما احب الاشياء الى الشخص " فصبر على البلاء راضيا بقضاء الله تعالى عوضته منها الجنة " والاعمى اول من يرى الله تعالى يوم القيامة. ومنها الصبر على الحمى وصداع الرأس وموت الاولاد والاحباب وغير ذلك من انواع الابتلاء. ومنها الصوم فان فيه صبرا على ما تكرهه النفس من حيث انها مألوفة بالاكل والشرب والصوم ربع الايمان بمقتضى قوله عليه السلام " الصوم نصف الصبر والصبر نصف الايمان " قال الحافظ
ترسم كزين جمن نبرى آستين كل كز كلشنش تحمل خازى نميكنى   
رى - ان شقيق بن ابراهيم البلخى دخل على عبد الله بن المبارك متنكرا فقال له عبد الله من اين اتيت فقال من بلخ قال وهل تعرف شقيقا قال نعم قال كيف طريقة اصحابه فقال اذا منعوا صبروا واذا اعطوا شكروا فقال عبد الله طريقة كلا بنا هكذا فقال وكيف يتبغى ان يكون الامر فقال الكاملون هم الذين اذا منعوا شكروا وان اعطوا آثروا. قال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه فى بعض مناجاته اللهم انى احمدك فى السراء والضراء واقول فى السراء الحمد لله المنعم المفضل نظرا الى النعمة الظاهرة والمنحة الجلية فى السراء واقول فى الضراء الحمد لله على كل حال نظرا الى النعمة الباطنة والمنحة الخفية فى الضراء لكن اشكرك فى السراء واقول الشكر لله طمعا فى زيادة النعمة والمنحة بمقتضى وعدك فى قولك لئن شكرتم لازيدنكم فاذا دفعت عنى البلية ورفعت المحنة فاشكرك مطلقا كما احمدك كذلك واقول الشكر لله مطلقا كما اقول الحمد لله كذلك انتهى. وهذا كلام لم ار مثله من المتقدمين حقيق بالقبول والحفظ فرضى الله عن قائله { واقاموا الصلوة } المفروضة اى داوموا على اقامتها { وانفقوا مما رزقناهم } اى بعضه الذى وجب عليهم انفاقه فمن للتبعيض والمراد بالبعض المتصدق بالزكاة المفروضة لاقترانه بالصلاة التى هى اخت الزكاة وشقيقتها او مطلق ما ينفق فى سبيل الله نظرا الى اطلاق اللفظ من غير قرينة الخصوص { سرا } لمن لا يعرف بالمال يتناول النوافل لانها فى السر افضل { وعلانية } لمن عرف به يشمل الفرائض لوجوب المجاهرة بها نفيا للتهمة وانتصابها على الحال اى ذوى سر وعلانية بمعنى مسرين ومعلنين او على الظرف اى وقتى سر وعلانية او على المصدر اى انفاق سر وعلانية.

السابقالتالي
2 3