الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُلِ ٱللَّهُ قُلْ أَفَٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي ٱلظُّلُمَاتُ وَٱلنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ ٱلْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ ٱللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ }

{ قل } يا محمد للمشركين { من } كيست { رب السموات والارض } خالقهما ومالكهما ومتولى امرهما { قل } فى الجواب { الله } اذ لا جواب لهم سواه لانه البين الذي لامراء فيه فكأنه حكاية لاعترافهم به { قل } الزاما لهم { أفاتخذتم من دونه اولياء } الهمزة للانكار والفاء للاستبعاداى أبعد اقراركم هذا وعلمكم بانه تعالى صانع العالم ومالكه اتخذتم من دونه تعالى اصناما وهو منكر بعيد من مقتضى العقل { لا يملكون } اى وتلك الاولياء { لانفسهم نفعا ولا ضرا } لا يستطيعون لانفسهم جلب نفع اليها ولا دفع ضرر عنها واذا عجزوا عن جلب النفع الى انفسهم ودفع الضرر عنها كانوا عن نفع الغير ودفع الضر عنه اعجز ومن هو كذلك فكيف يعبد ويتخذ وليا وهذا تجهيل لهم وشهادة على غباوتهم وضلالتهم التي ليس بعدها. والاشارة قل من رب سموات القلوب وارض النفوس ومن دبر فيهما درجات الجنان بالاخلاق الحميدة ودركات النيران بالاخلاق الذميمة وجعل مشاهدة القلوب مقامات القرب وشواهد الحق ومراتع النفوس شهوات الدنيا ومنازل البعد قل الله اى اجب عن هذا السؤال لان الاجانب منه بمعزل قل للاجانب أفاتخذتم من دونه اولياء من الشياطين والدنيا والهوى لا يملكون لانفسهم ولا لكم نفعا ولا ضرا فى الدنيا والآخرة لانهم مملوكون والمملوك لا يملك شيئا { قل هل يستوى الاعمى والبصير } وارد على التشبيه اي فكما لا يستوى الاعمى والبصير فى الحس كذلك لا يستوى المشرك والجاهل بعظمة الله وثوابه وعقابه وقدرته مع الموحد العالم بذلك. قال فى التأويلات النجمية الاعمى من يرى غير الله مالكا ومتصرفا فى الوجود والبصير من لا يرى مالكا ولا متصرفا فى الوجود غير الله وايضا الاعمى هو النفوس لانها تتعلق بغير الله وتحب غيره والبصير القلوب لانها تتعلق بالله وتحبه فالاعمى من عمى بالحق وابصر بالباطل والبصير من ابصر بالحق وعمى بالباطل وايضا الاعمى من ابصر بظلمات الهوى والبصير من ابصر بانوار المولى { ام هل تستوى الظلمات والنور } هذا وارد على التشبيه ايضا فكما لا تستوى الظلمات والنور كذلك لا يستوى الشرك والانكار والتوحيد والمعرفة وعبر ذلك عن الشرك بصيغة الجمع لان انواع شرك النصارى وشرك اليهود وشرك عبدة الاوثان وشرك المجوس وغيرها بخلاف التوحيد. وفى التأويلات هل يستوى المستكن فى ظلمات الطبيعة والهوى ومن هو مستغرق فى بحر جمال المولى فالاول كالعمى اذ لا يقدر ان يرى الملكوت من ظلمات الملك والثانى كالبصير فكما ان المستغرق فى البحر والغائص فيه لا يرى غير الماء فكذا لا يرى اهل البصيرة سوى الله قال المولى الجامى
عاشق اندر ظاهر وباطن نه بيند غير دوست بيش اهل باطن اين معنى كه كفتم ظاهرست   

السابقالتالي
2