الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمْ يُجَٰدِلُونَ فِي ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ }

{ ويسبح الرعد } اختلف العلماء فيه والتحقيق انه اسم ملك خلق من نور الهيبة الجلالية والرعد صوته الشديد ايضا يسوق السحاب بصوته كما يسوق الحادى الابل بحدائه فاذا سبح اوقع الهيبة على الخلق كلهم حتى الملائكة. يقول الفقير لعل الرعد صوت ذلك الملك واسناد التسبيح الى صوته لكمال فيه { بحمده } فى موقع الحال اى حامدين له وملتبسين بحمده عنى تسبيح را باتحميد مقترن ميسازد فيصبح سبحان الله والحمد لله وفى الحديث " البرق والرعد وعيد لاهل الارض فاذا رأيتموه فكفوا عن الحديث وعليكم بالاستغفار " واذا اشتد الرعد قال عليه السلام " لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك " { والملائكة من خيفته } من عطف العام على الخاص اى ويسبح الملائكة من خوف الله وخشيته وهيبته وجلاله وذلك لانه اذا سبح الرعد وتسبيحه ما يسمع من صوته لم يبق ملك الا رفع صوته بالتسبيح فينزل القطر والملائكة خائفون من الله وليس خوفهم كخوف ابن آدم فانه لا يعرف احدهم من على يمينه ومن على يساره ولا يشغله عن عبادة الله طعام ولا شراب ولا شئ اصلا. وعن ابن عباس رضى الله عنهما من سمع الرعد فقال سبحان الذى يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وهو على كل شئ قدير فاصابته صاعقة فعلى ديته { ويرسل الصواعق } جمع صاعقة وهى نار لا دخان لها تسقط من السماء وتتولد فى السحاب وهى اقوى نيران هذا العالم فانها اذا نزلت من السحاب فربما غاصت فى البحر واحرقت الحيتان تحت البحر وعن ابن عباس رضى الله عنهما " ان اليهود سألت النبى عليه السلام عن الرعد ما هو فقال " ملك من الملائكة وهو موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله " قالوا فما الصوت الذى يسمع " قال زجره السحاب فاذا شدت سحابة ضمها واذا اشتد غضبه طارت من فيه نار هى الصاعقة " والمخاريق جمع مخراق وهو فى الاصل ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضا والمراد به ههنا آلة يسوق بها الملك السحاب { فيصيب بها } الباء للتعددية. والمعنى بالفارسية يس ميرساندآنرا { من يشاء } اصابته فيهلكه والصاعقة تصيب المسلم وغيره ولا تصيب الذاكر. يقول الفقير لعل وجهه ان الصاعقة عذاب عاجل ولا يصيب الا الغافل واما الذاكر فهو مع الله ورحمته وبين الغضب والرحمة تباعد وقولهم تصيب المسلم يشير الى ان المصاب بالصاعقة على حاله من الايمان والاسلام ولا اثر لها فيه كما فى اعتقاد بعض العوام { وهم } اى هؤلاء الكفار مع ظهور هذه الدلائل { يجادلون فى الله } حيث يكذبون رسوله فيما يصفه من العظمة والتوحيد والقدرة التامة والجدال التشدد فى الخصومة من الجدل وهو الفتل { وهو شديد المحال } اى شديد المكر والكيد لاعدائه يهلكم من حيث لا يحتسبون من محل بفلان اذا كاده وسعى به الى السلطان ومنه تحمل لكذا اذا تكلف فى استعمال الخيلة واجتهد فيه.

السابقالتالي
2 3