الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ ءَالِ يَعْقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

{ وكذلك } اى مثل اجتبائك واختيارك من بين اخوتك لمثل هذه الرؤيا العظيمة الدالة على شرف وعز وكبرياء شأنك فالكاف فى محل النصب على انه صفة مصدر محذوف { يجتبيك ربك } يختارك ويصطفيك لما هو اعظم منها كالنبوة ويبرز مصداق تلك الرؤيا فى عالم الشهادة اذ لا بد لكل صورة مرئية فى عالم المثال حقيقة واقعة فى عالم الشهادة وان كانت الدنيا كلها خيالا كما سيتأتى تحقيقه
خيال جملة جهانرا بنور جشم يقين بجنب بحر حقيقت سراب مى بينم   
{ ويعلمك } كلام مبتدأ داخل فى حكم التشبيه كأنه قيل وهو لا يعلمك لان الظاهر ان يشبه الاجتباء بالاجتباء والتعليم غير الاجتباء فلو كان داخلا فى حكم التشبيه كان المعنى ويعلمك تعليما مثل الاجتباء بمثل هذه الرؤيا وظاهر سماجته فان الاجتباء وجه الشبه بين المشبه والمشبه به ولم يلاحظ فى التعليم ذلك كذا قالوا. يقوال الفقير هذا هو منهما نعمة جسيمة من الله تعالى كما يدل عليه مقام الامتنان فلا سماجة { من تأويل الاحاديث } اى ذلك الجنس من العلوم فتطلع على حقيقة ما اقول فان من وفقه الله تعالى لمثل هذه الرؤيا لا بد من توفيقه لتعبيرها فان علم التعبير من لوازم الاجتباء غالبا والمراد بتأويل الاحاديث تعبير الرؤى جمع الرؤيا اذ هى اما احاديث الملك ان كانت صادقة او احاديث النفس والشيطان ان لم تكن كذلك وتسميتها تأويلا لانه يؤول امرها اليه اى يرجع الى ما يذكره المعبر من حقيقتها. والاحاديث اسم جمع للحديث ومنه احاديث الرسول والحديث فى اللغة الجديد وفى عرف العامة الكلام وفى عرف المحدثين ما يحدث عن النبى عليه السلام فكأنه لوحظ فيه مقابلة القرآن اذ ذاك قديم وها حادث. وفى الصحاح الحديث ضد القديم ويستعمل فى قليل الكلام وكثيره لانه يحدث شيئا فشيئا { ويتم نعمته عليك } يا يوسف يجوز ان يتعلق بقوله يتم وان يتعلق بنعمته اى بان يضم الى النبوة المستفادة من الاجتباء الملك ويجعله تتمة لها وتوسيط التعليم لرعاية الوجود الخارجى { وعلى } كرر على ليمكن العطف على الضمير المجرور { آل يعقوب } الآل وان كان اصله الاهل الا انه لا يستعمل الا فى الاشراف بخلاف الاهل وهم اهله من بيته وغيرهم فان رؤية يوسف اخوته كواكب يهتدى بانوارها من نعم الله عليهم لدلالتها على مصي امرهم الى النبوة فيقع كل ما يخرج من القوة الى الفعل اتماما لتلك النعمة. وقال سعدى المفتى غاية ما تدل رؤيتهم على صور الكواكب الى نبوتهم لان الفرد الكامل للهداية ان يكون ذلك بالنبوة ولذلك قد قال الله تعالى فى حق الانبياءوجعلناهم ائمة يهدون بامرنا } فاعرف ذلك { كما اتمها على ابويك } نصب على المصدرية اى ويتم نعمته عليك اتماما كائنا كاتمام نعمته على ابويك وهى نعمة الرسالة والنوبة { من قبل } اى من قبل هذا الوقت او من قبلك { ابراهيم واسحق } عطف بيان لابويك والتعبير عنهما بالاب مع كونهما ابا جده وابا ابيه للاشعار بكمال ارتباطه بالانبياء الكرام.

السابقالتالي
2