الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلأَجْرُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ }

{ ولاجر الآخرة } اى اجرهم فى الآخرة فالاضافة للملابسة وهو النعيم المقيم الذى لا نفاد له { خير } لانه افضل فى نفسه واعظم وادوم { للذين آمنوا وكانوا يتقون } الكفر والفواحش جون يوسف باحسان وتقوى ازقعر جاه تبخت وجاه رسيد
بدنيى وعقبى كسى قدر يافت كه او جانب صبر وتقوى شتافت   
وفى الآية اشارة الى ان غير المؤمن المتقى لا نصيب له فى الآخرة. قال بعض العارفين لو كانت الدنيا ذهبا فانيا والآخرة خزفا باقيا لكانت الآخرة خيرا من الدنيا فكيف والدنيا خذف فان والآخرة ذهب باق. وعن ابى هريرة قال " قلنا يا رسول الله مم خلق الجنة قال " من الماء " قلنا اخبرنا عن بنائها قال " لبنة من فضة ولبنة من ذهب وملاطها المسك الاذفر وترابها الزعفران وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ومن يدخلها ينعم ويخلد ولا يموت ولا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه وان اهل الجنة ليزدادون كل يوم جمالا وحسنا كما يزدادون فى الدنيا هرما " ولا بد من الطاعات فانها بذر الدرجات واجرة الجنات -حكى- ان ابراهيم بن ادهم اراد ان يدخل الحمام فمنعه الحمامى ان يدخله بدون الاجرة فبكى ابراهيم وقال اذا لم يؤذن ان ادخل فى بيت الشيطان مجانا فكيف لى بالدخول فى بيت النبيين والصديقين. يقول الفقير فان كان المراد ببيت النبيين الجنة فلا بد من دخولها من صدق الاعمال وان كان المراد القلب فلا بد فى دخوله من صدق الاحوال وعلى كلا التقديرين لا بد من العبودية لانها مقتضى الحكمة ولذا قال { للذين آمنوا وكانوا يتقون } فمن لا عبودية له لم تكن الآخرة عنده خيرا من الدنيا اذ لو علم خيريتها لاجتهد فى العبودية لله تعالى والامتثال بالامر والاجتناب عن النهى وقد جعل التصرف فى عالم الملك والملكوت فى العمل على وفق الشرع وخلاف الطبع اذ فيه المجاهدة التى هى حمل النفس على المكاره وترك الشهوات ألا ترى ان يوسف عليه السلام لما خالف الطبع ومقتضاه ونهى النفس عن الهوى ورضى بما قسم المولى وصبر على مقاساة شدائد الجب والسجن والعبودية جعله الله تعالى سلطانا فى ارض مصر ففسح له فى مكانه فكان مكافاة لضيق الجب والسجن وسخر له اهل مصر مجازاة للعبودية وزوجه زليخا بمقابلة كف طبعه عن مقتضاه. والتقوى لا بد منها لاهل النعمة والمحنة اما اهل النعمة فتقواهم الشكر لانه وقاية من الكفران وجنة منه واما اهل المحنة فتقواهم الصبر لانه جنة من الجزع والاضطراب. فعلى العاقل ان يتمسك بعروة التقوى فانها لا انفصام لها ولها عاقبة حميدة واما غيرها من العرى فلها انفصام وانقطاع وليس لها نتيجة مفيدة كما شوهد مرة بعد اخرى اللهم اعصمنا من الزلل فى طريق الهدى واحفظنا عن متابعة النفس والهوى واجعلنا من الذين عرفوك فوقفوا عند امرك وتوجهوا اليك فرفضوا علاقة المحبة لغيرك