الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ ٱجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ }

{ قال } يوسف { اجعلنى على خزائن الارض } اى ارض مصر فاللام للعهد اى ولنى امرها من الايراد والصرف يعنى مرا برآنجه حاصل ولايت مصر باشد از نقود واطعمه خازن كردان { انى حفيظ } لها عمن لا يستحقها { عليم } بوجوه التصرف فيها. وذلك انه لما عبر رؤيا الملك واخبر باتيان السنين المجدبة قال له فما ترى يا يوسف قال ترزع زرعا كثيرا وتأخذ من الناس خمس زروعهم فى السنين المخصبة وتدخر الجميع فى سنبله فيكفيك واهل مصر مدة السنين المجدبة. وفى بحر العلوم قال له من حقك ان تجمع الطعام فى الاهراء فيأتيك الخلق من النواحى ويمتارون منك ويجتمع لك من الكنوز ما لم يجتمع لاحد قبلك فقال الملك ومن لى بذاك فقال { اجعلنى } الآية
ولى هركاررا بايد كفيلى كه از دانش بود باوى دليلى بدانش غايت آن كار داند جو داند كاررا كردن تواند زهر جيزى كه در عالم توان يافت جو من دانا كفيلى كم توان يافت بمن تفويض كن تدبير اين كار كه نابد ديكرى جون من بديدار   
وذلك لانه علم فى الرؤيا التى رآها الملك ان الناس يصيبهم القحط فخاف عليهم القحط والتلف فاحب ان تكون يداه على الخزانة ليعينهم وقت الحاجة شفقة على عبادة الله وهى من اخلاق الخلفاء وكانت خدمته معجزة لفراعنة مصر ولهذا قال فرعون زمانه حبن بنى الفيوم له هذ من ملكوت السماء وهو اول من دون الدفاتر وعين علوم الحساب والهندسة بانواع الاقلام والحروف وفى الآية دليل على جواز طلب الولاية اذا كان الطالب ممن يقدر على اقامة العدل واجراء احكام الشريعة. قال العلماء سؤال تولية الاوقاف مكروه كسؤال تولية الامارة والقضاء -روى- ان قوما جاؤا الى النبى عليه السلام فسألوه ولاية فقال " انا لن نستعمل على عملنا من اراده " وذلك لان الله تعالى يعين المجبور ويسدده ويكل الطالب الى نفسه والولاية امور ثقيلة فلا يقدر على رعاية حقوقها واذا تعين احد للقضاء او الامارة او نحوهما لزمه القبول لانها من فروض الكفاية فلا يجوز اهمالها ويوسف عليه السلام كان اصلح من يقوم بما ذكر من التدبير فى ذلك الوقت فاقتضت الحال تقلده وتطلبه اصلاحا للعالم. وفى الآية دلالة ايضا على جواز التقلد من يد الكافر والسلطان الجائر اذا علم انه لا سبيل الى الحكم بامر الله ودفع الباطل واقامة الحق الا بالاستظهار به وتمكينه وقد كان السلف يتولون القضاء من جهة البغاة ويرونه - وحكى - الشيخ العلامة ابن الشحنة ان تيمور لنك ذكروا عنه كان يتعنت على العلماء فى الاسئلة ويجعل ذلك سببا لقتلهم وتعذيبهم مثل الحجاج فلما دخل حلب فتحها عنوة وقتل واسر كثيرا من المسلمين وصعد نواب المملكة وسائر الخواص الى القلعة وطلب علماءها وقضاتها فحضرنا اليه واوقفنا ساعة بين يديه ثم امرنا بالجلوس فقال لمقدم اهل العلم عنده وهو المولى عبد الجبار ابن العلامة نعمان الدين الحنفى قل لهم انى سائلهم عن مسألة سألت عنها علماء سمرقند وبخارى وهراة وسائر البلاد التى افتتحتها ولم يفصحوا عن الجواب فلا تكونوا مثلهم ولا يجاوبنى الا اعلمكم وافضلكم وليعرف ما يتكلم به فقال لى عبد الجبار سلطاننا يقول بالامس قتل منا ومنكم فمن الشهيد قتيلنا ام قتبلكم ففتح الله علىّ بجواب حسن بديع فقلت جاء اعرابى الى النبى عليه السلام فقال الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل للذكر والرجل يقاتل ليرى مكانه فى سبيل الله ومن قتل منا ومنكم لاعلاء كلمة الله فهو الشهيد فقال تيمور لنك " خوب خوب " وقال عبد الجبار ما احسن ما قلت وانفتح باب المؤانسة فتكررت الاسئلة والاجوبة وكان آخر ما سأل عنه ما تقولون فى على معاوية ويزيد فقلت لا شك ان الحق كان مع على وليس معاوية من الخلفاء فقال قل علىّ على الحق ومعاوية ظالم ويزيد فاسق قلت قال صاحت لهداية يجوز تقليد للقضاء من ولاة الجور فان كثيرا من الصحابة والتابعين تقلدوا القضاء من معاوية وكان الحق مع على فى توبته فسر لذلك واحسن الينا والى من يتعلق بنا فى البلدة -وروى- ان الملك لما عين يوسف عليه السلام لامر الخزائن توفى قطفير فى تلك الليالى كما قال المولى الجامى

السابقالتالي
2 3 4 5