الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰصَاحِبَيِ ٱلسِّجْنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا ٱلآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ ٱلطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ }

{ يا صاحبى السجن } الاضافة بمعنى فى كما سبق. والمعنى باللفارسية اى ياران زندان { اما احد كما } وهو الشرابى ولم يعينه لدلالة التعبير عليه { فيسقى } بياشاماند { ربه } سيده { خمرا } كما كان يسقيه قبل -روى- انه عليه السلام قال له اما مارايت من الكرمة وحسنها فهو الملك وحسن حالك عنده او قال له ما اسحن ما رأيت اما حسن الحبلة وهى اصل من اصول الكرم فهو حسن حالك وسلطانك وعزك واما القضبان الثلاثة فثلاثة ايام تمضى فى السجن ثم يوجه الملك اليك عند انقضائهن فيردك الى عملك فتصير كما كنت بل احسن { واما الآخر } وهو الخباز { فيصلب فتأكل الطير من رأسه } از كله سروى. ـ روى ـ انه عليه السلام قال له بئس مارايت اما خروجك من المطبخ فخروجك من عملك واما السلال الثالث فثلاثة ايام تمر ثم يوجه الملك اليك عند انقضائهن فيصلبك فتأكل الطير من رأسك. وفى الكواشى اكل الطير من اعلاها اخراجه فى اليوم الثالث { قضى الامر } فرغ منه واتم واحكم وهو ما رأياه من الرؤيين واسناد القضاء اليه مع انه من احوال مآله وهو نجاة احدهما وهلاك الآخر لانه فى الحقيقة غير ذلك المآل وقد ظهر فى عالم المثال بتلك الثورة { الذى فيه تستفتيان } تطلبان فتواه وتأويله - روى - انه لما عبر رؤياهم جحدا وقالا ما راينا شيئا فاخبر ان ذلك كائن صدقتما او كذبتما ولعل الجحود من الخباز اذ لا داعى الى جحود الشرابى الا ان يكون ذلك لمراعاة جانبه فكان كما عبر يوسف حيث اخرج الملك صاحب الشراب ورده الى مكانه وخلع عليه واحسن اليه لما تبين عنده حاله فى الامانة واخرج الخباز ونزع ثيابه وجلده بالسياط حتى مات لما ظهر عنده خيانته وصلبه على قارعة الطريق واقبلت طيور سود فاكلت من رأسه وهو اول من استعمل الصلب ثم استعمله فرعون موسى كما حكى عنه من قولهلاصلبنكم فى جذوع النخل } - وروى - ان النبى صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة بدر الى المدينة ومر بعرق الظبية وهى شجرة يستظل لها امر فصلب عقبة بن ابى معيط من الاسارى وهو اول مصلوب من الكفار فى الاسلام وكان يفترى على رسول الله فى مكة وبزق مرة فى وجهه والصلب اصعب انواع اسباب الهلاك لانحباس النفس فى البدن ويفعله الحاكم بحسب ما رأى فى بعض المجرمين تشديدا للجزاء وليكون عبر للناس. والاشارة اما النفس فسقى الروح خمرا وهو ما خامر العقل مرة من شراب الشهوات واللذات النفسانية وتارة باقداح المعاملات والمجاهدات شراب الكشوف والمشاهدات الربانية وهى باقية فى خدمة ملك الروح ابدا واما البدن فيصلب بحبل الموت فتأكل طير اعوان الملك من رأسه الخيالات الفاسدة التى جمعت فى ام دماغه.

السابقالتالي
2