الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَآءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ }

{ وجاؤا } آمدند { على قميصه } محله النصب على الظرفية من قوله { بدم } اى جاؤا فوق قميصه بدم او على الحالية منه والخلاف فى تقدم الحال على المجرور فيما اذا لم يكن الحال ظرفا { كذب } مصدر وصف به الدم مبالغة كأن مجيئهم من الكذب نفسه كما يقال للكذاب هو الكذب بعينه والزور بذاته او مصدر بمعنى المفعول اى مكذوب فيه لانه لم يكن دم. يوسف وقرأت عائشة رضى الله عنها بغير المعجمة اى كدب بمعنى كدر او طرّى -روى- انهم ذبحوا سخلة ولطخوه بدمها وزل عنهم ان يمزقوه فلما سمع يعقوب بخبر يوسف صاح باعلى صوته فقال اين القميص فاخذه والقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص قال تالله ما رأيت كاليوم ذئبا احلم من هذا اكل ابنى ولم يمزق عليه قميصه قال كأنه قيل ما قال يعقوب هل صدقهم فيما قالوا فقيل { قال } لم يكن ذلك { بل سولت لكم انفسكم } اى زينت وسهلت قاله ابن عباس رضى الله عنهما. والتسويل تقدير شيء فى الانفس مع الطمع فى اتمامه. قال الازهرى كان التسويل تفعيل من سؤال الاشياء وهى الامنية التى يطلبها فيزين لطالبها الباطل وغيره { امرا } من الامور منكرا لا يوصف ولا يعرف فصنعتموه بيوسف استدل يعقوب على انهم فعلوا بيوسف ما ارادوا وانهم كاذبون بشيئين بما عرف من حسدهم الشديد وبسلامة القميص حيث لم يكن فيه خرق ولا اثر ناب فقوله بل سولت رد لقولهم اكله الذئب وبل للاعراض عما قبله واثبات ما بعده على سبيل التدارك نحو جاء زيد بل عمرو كما فى بحر العلوم { فصبر جميل } اى فامرى صبر جميل وهو الذى لا شكوى فيه الى الخلق والا فقد قال يعقوب انما اشكو بثى وحزنى الى الله قال الكنال الخجندى
بوصل صحبت يوسف عزيز من مشتاب جمال يار نبينى مكر بصبر جميل   
قال شيخنا الاجل الاكمل روح الله روحه. اعلم ان الصبر اذا لم يكن فيه شكوى الى الخلق يكون جميلا واذا كان فيه مع ذلك شكوى الى الخالق يكون اجمل لما فيه من رعاية حق العبودية ظاهرا حيث امسك عن الشكوى الى الخلق وباطنا حيث قصر الشكوى على الخالق والتفويض جميل والشكوى اليه اجمل انتهى قال الشيخ عمر بن الفارض قدس سره فى تائيته
ويحسن اظهار التجلد للقوى ويقبح العجز عند الاحبة   
اى لا يحسن اظهار التجلد والصبر على صدمات المحن مطلقا بل يحسن للاعادى كما اظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم للكفار فى غزواته ومناسكه. واما عند الاحبة فلا يحسن الا العجز لان اظهار التجلد عندهم قبيح جدا كما اظهره سمنون فى بعض مناجاته وقال

السابقالتالي
2