الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَاً وَقَالَ يٰأَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بَيۤ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجْنِ وَجَآءَ بِكُمْ مِّنَ ٱلْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ ٱلشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِيۤ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ }

{ ورفع ابويه } عند نزولهم بمصر وكانوا اثنين وسبعين رجلا وامرأة وكانوا حين خرجوا منها مع موسى عليه السلام ستمائة الف وخمسمائة وبضعا وتسعين او سبعين رجلا سوى الذرية والهرمى وكانت الذرية الف الف ومائتيى الف { على العرش } وهو السرير الرفيع الذى كان يجلس عليه يوسف وهو بالفارسية تخت اى اجلسهما معه على سرير الملك تكرمة لهما فوق ما فعله لاخوته واشتركوا فى دخول دار يوسف لكنهم تباينوا فى الايواء فانفرد الابوان بالجلوس معه على سرير الملك لبعدهما من الجفاء كذا غدا اذا وصلوا الى الغفران يشتركون فيه فى دخول الجنة ولكنهم يتباينون فى بساط القربة فيختص به اهل الصفاء دون من اتصف اليوم بالالتواء
هركسى ازهمت والاى خويش سود برد در خور كالاى خويش   
{ وخروا له } وبروى درافتادند بدر وخاله وبرادران مرورا { سجدا } حال مقدرة لان السجود بعد الخرور يكون اى حال كونهم ساجدين تحية وتكرمة له فانه كان السجود عندهم جاريا مجرى التحية والتكرمة كالقيام والمصافحة وتقبيل اليد ونحوها من عادات الناس الناشئة فى التعظيم والتوقير والرفع مؤخر عن الخرور اذ السجود له كان قبل الصعود على السرير فى اول الملاقاة لان ذلك هو وقت التحية الا انه قدم لفظا للاهتمام بتعظيمه لهما والترتيب الذكرى لا يجب كونه على وقف الترتيب الوقوعى وليصل به ذكر كونه تعبير الرؤيا. قال الكاشفى يوسف كه آن حال مشاهدة نمود اظهار مسرت وبهجت فرمود { وقال يا ابت } اى بدر من { هذا } اين سجده كردن شمارا { تأويل رؤياى } التى رأيتها وقصصتها عليك { من قبل } فى زمن الصبى يريد قولهانى رأيت احد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين } { وقد جعلها ربى حقا } صدقا فى اليقظة واقعا بعينها. قال بعضهم وقعت رؤيا يوسف بعد اربعين سنة واليها ينتهى الرؤيا. يقول الفقير فيكون القول بان الاجتماع كان بعد ثمانين سنة مرجوحا. واعلم ان السبب فى تأخير ظهور المنامات الجيدة وسرعة الرديئة هو آن القدرة الالهية المظهرة لهذه المنامات تعجل البشارة بالخيرات الكامنة قبل اوانها بمدة طويلة لتكون مدة السرور اطول وتؤخر الانذار بالشرور الكامنة الى زمان يقرب من حصولها ليقصر زمان الهم والحزن. قال الشيخ صدر الدين الفتوى قدس سره فى شرح قوله عليه السلام " اصدق المنامات ما رؤى فى السحر " اعلم ان السحر هو زمان اواخر الليل واستقبال اول النهار والليل مظهر الغيب والظلمة والنهار هو زمان الكشف والوضوح ومنتهى سير المغيبات والمقدرات الغيبية فى العلم الالهى ثم عاد المعانى والارواح ولما كان زمان السحر هو مبدأ زمان السحر هو مبدأ زمان استقبال كمال الانكشاف والتحقق لزم ان الذى يرى اذ ذاك يكون قريب الظهور والتحقق والى ذلك اشار يوسف بقوله هذا { تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقا } اى ما كملت حقية الرؤيا الا بظهورها فى الحس فان فيه ظهر المقصود من تلك الصورة الممثلة واينعت ثمراتها انتهى.

السابقالتالي
2 3 4