الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ }

{ فان تولوا } فان تولوا بحذف احدى التاءين اى وان تستمروا على التولى والاعراض فلا تفريط منى { فقد ابلغتكم ما ارسلت به اليكم } اى لانى قد اديت ما علىّ من الابلاغ والزام الحجة وكنتم محجوجين بان بلغكم الحق فابتم الا التكذيب والجحود فالمذكور دليل الجزاء { ويستخلف ربى قوما غيركم } كلام مستأنف اى ويهلككم الله ويجيئ بقوم آخرين يخلفونكم فى دياركم واموالكم { ولا تضرونه } بتوليكم واعراضكم { شيئا } من ضرر قط لانه لا يجوز عليه المضار والمنافع وانما تضرون انفسكم { ان ربى على كل شيء حفيظ } رقيب فلا يخفى عليه اعمالكم ولا يغفل عن مجازاتكم. واعلم انه بين وجوب التوكل على الله وكونه حفيظا حصينا اولا بان ربوبيته عامة لكل واحد ومن يرب يدبر امر المربوب ويحفظه فلا يحتاج حفظ الغير وثانيا بان كل ذى نفس تحت قهره اسير عن الفعل والتأثير فى غيره فلا حاجة الى الاحتراز منه وثالثا بانه على طريق العدل فى عالم الكثرة الذى هو ظل وحدته فلا يسلط احدا على احد الا عن استحقاق لذلك بسبب ذنب وجرم لا يعاقب احدا من غير زلة ولو صغيرة نعم قد يكون لتزكية ورفع درجة فالمستفاد فى ضمن ذلك كله نفى القدرة عنهم وعن آلهتهم فلا حول ولا قوة الا بالله والله تعالى لا يظلم الناس مثقال ذرة وما يرى فى صورة الظلم فمن خفأ سره وحكمته والعارف ينظر الى الاسرار الآلهية ويحمل الوقائع على الحكم -حكى- انه كان رجل سقاء بمدينة بخارى يحمل الماء الى دار صائغ مدة ثلاثين سنة وكان لذلك الصائغ زوجة صالحة فى نهاية الحسن والبهاء فجاء السقاء على عادته يوما واخذ بيدها وعصرها فلما جاء زوجها من السوق قالت ما فعلت اليوم خلاف رضى الله تعالى فقال ما صنعت فالحت فقال جاءت امرأة الى دكانى وكان عندى سوار فوضعته فى ساعدها فاعجبنى بياض يدها فعصرت فقالت الله اكبر هذه حكمة خيانة السقاء اليوم فقال الصائغ ايتها المرأة انى تبت فاجعلينى فى حل فلما كان من الغد جاء السقاء وتاب وقال يا صاحبة المنزل اجعلينى فى حل فان الشيطان قد اضلنى فقالت امض فان الخطأ لم يكن الا من الشيخ الذى فى الدكان فاقتص الله منه فى الدنيا وامثال ذلك من عدل الله تعالى فليكن العباد على العدالة وخصوصا الحكام والسلاطين فان العدل ينفع فى الدنيا والآخرة -حكى- ان ذا القرنين سأل من ارستطا ليس اى شيء أفضل للملوك الشجاعة ام العدل فقال اذا عدل السلطان لم يحتج الى الشجاعة فمن آمن بالملك الديان وخشى من عذابه كل آن فقد عدل واحترز عن الظلم والطغيان وفاز بالدرجات فى اعلىالجنان والا فقد عرض نفسه لعذاب النيران ولعذاب الدنيا ايضا على اشد ما كان ألا ترى الى قوله تعالى حكاية { ويستخلف ربى قوما غيركم } مع ماله من انواع اللعنة قال السعدى قدس سره
نماند ستمكار بد روزكار بماند برو لعنت بإيدار خنك روز محشر تن دادكر كه در سايه عرش داردمقر