الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ }

{ وان استغفروا ربكم } عطف على الا تعبدوا سواء كان نهيا او نفيا وان مصدرية وسوغ سيبويه ان توصل ان بالامر والنهى لان الامر والنهى دالان على المصدر دلالة غيرهما من الافعال والاستغفار طلب المغفرة وهي ان يستر على العبد ذنوبه فى الدنيا ويتجاوز عن عقوبته فى العقبى { ثم توبوا اليه } ثم اخلصوا التوبة واستقيموا عليها كما فى بحر العلوم للسمرقندى. وقال فى الارشاد المعنى فعل ما فعل من الاحكام والتفصيل لتخصوا الله بالعبادة وتطلبوا منه ستر ما فرط منكم من الشرك ثم ترجعوا اليه بالطاعة انتهى فثم ايضا على بابها فى الدلالة على التراخى الزمانى ويجوز ان يكون ثم لتفاوت ما بين الامرين وبعد المنزلة بينهما من غير اعتبار تعقيب وتراح فان بين التوبة وهى انقطاع العبد اليه بالكلية وبين طلب المغفرة بونا بعيدا كذا ذكره الرضى. قال الفراء ثم ههنا بعد الواو لان الاستغفار توبة انتهى يقول الفقير فرقوا بينهما كما قال الحدادى عند قوله تعالىومن يعمل سوأ او يظلم ثم يستغفر الله } اى بالتوبة الصادقة وشرطت التوبة لان الاستغفار لا يكون توبة بالاجماع ما لم يقل معه تبت واسات ولا اعود اليه ابدا فاغفر لى يا رب { يمتعكم متاعا حسنا } انتصابه على انه مصدر بمعنى تمتيعا حذف منه الزوائد. والتمتيع جعل الشخص متمتعا منتفعا بشيء. والمعنى يعيشكم عيشا مرضيا لا يفوتكم فيه شيء مما تشتهون ولا ينغصه شيء من المكدرات { الى اجل مسمى } الى آخر الاعمار المقدرة وتموتوا على فرشكم -كما حكى- ان الله تعالى اوحى الى موسى عليه السلام قل لفرعون ان آمنت بالله وحده عمرك فى ملكك وردك شابا طريا فمنعه هامان وقال انا اردك شابا طريا فاتاه بالوسمة فخضب لحيته وهو اول من خضب بالسواد جراما. وقال العتبى اصل الا متاع الا طالة فيقال جبل ماتع وقد متع النهار اذا طال. والمعنى لا يهلككم بعذاب الاستئصال الى آخر ايام الدنيا وههنا سؤالان. الاول ان قوله عليه السلام " الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر " وقوله " وخص البلاء بالانبياء ثم الاولياء ثم الامثل فالامثل " ونحوهما يدل على ان نصيب المطيع عدم الراحة فى الدنيا فكيف يكون فى امن وسعة الى حين الموت. والجواب ان من ربط قلبه بالله ورضى بما قضاه الله فى حقه حيى حياة طيبة ولذا قال بعضهم متاعا حسنا رضاست برانجه هست ازنعمت وصبر برانجه رونمايد ازسخت ومن ربط قلبه بالاسباب كان ابدا فى الم الخوف من فوات محبوبه فيتغص عيشه ويضطرب قلبه وكون الدنيا سجنا انما هو بالاضافة الى ما اعد للمؤمن من نعيم الآخرة وهو لا ينافى الراحة فى الجملة -كما حكى- انه كان قاض من اهل بغداد مارا بزقاق كلخان مع خدمه وحشمه كالوزير فطلع الكلخانى فى صورة جهنمى رث الهيئة كان القطران يقطر من جوانبه فاخذ بلجام بغلة القاضى فقال ايد الله القاضى ما معنى قول نبيكم

السابقالتالي
2