الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ وَأَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ }

{ فان لم يستجيبوا لكم } الضمير فى لكم للرسول عليه السلام وجمع للتعظيم اوله وللمؤمنين لانهم اتباع له عليه السلام فى الامر بالتحدى وفيه تنبيه لطيف على ان حقهم ان لا ينفكوا عنه وينصابوا معه لمعارضة المعاندين كما كانوا يفعلونه فى الجهاد. قال سعدى المفتى اختلف فى تناول خطاب النبى عليه السلام لامته فقال الشافعية لا وقال الحنفية الحنابلة نعم الا ما دل الدليل فيه على الفرق انتهى. والمعنى فان لم يستجب هؤلاء المشركون لكم يا محمد ويا اصحاب محمد عليه السلام اى ما دعوتموهم اليه من معارضة القرآن واتيان عشر سور مثله وتبيين عجزهم عنه بعد الاستعانة بمن استطاعوا بالاستعانة منه من دون الله تعالى { فاعلموا انما انزل بعلم الله } ما فى انما كافة وضمير انزل يرجع الى ما يوحى وبعلم حال اى ملتبسا بما لا يعلمه الا الله تعالى من المزايا والخواص والكيفيات. وقال الكاشفى يعنى ملتبس بعلمى كه خاصه اوست وآن علمست بمصالح عباد وآنجه ايشانرا بكار آيد در معاش ودر معاد وقال فى التأويلات النجميةبعلم الله } لا بعلم الخلق فان فيه الاخبار عما سيأتى وهو بعد فى الغيب ولا يعلم الغيب الا الله انتهى والمراد الدوام والثبات على العلم اى فدوموا ايها المؤمنون واثبتوا على العلم الذى انتم عليه لتزدادوا يقينا وبات قدم على انه منزل من عند الله وانه من جملة المعجزات الدالة على صدقه عليه السلام فى دعوى الرسالة { وان لا اله الا هو } اى وداوموا على هذا العلم ايضا يعنى هو ينزل الوحى وليس احد ينزل الوحى غيره لانه الاله ولا اله غيره { فهل انتم مسلمون } ثابتون على الاسلام راسخون فيه اى فاثبتوا عليه فى زيادة الاخلاص. وفى الآيات امور. منها ان الوحى على ثلاثة انواع نوع امر عليه السلام بكتمانه اذ لا يقدر على حمله غيره ونوع خير فيه ونوع امر بتبليغه الى العام والخاص من الانس والجن وما يتعلق بمصالح العباد من معاشهم ومعادهم فلا يجوز تركه وان ترتب عليه مضرة وضاق به الصدر سبيل تبليغ الرسالة هو اللسان فلا رخصة فى الترك وان خاف. قال صاحب التيسير فهذا دليل قولنا فى المكره على الطلاق والعتاق ان تكلم به نفذ لان تعلق ذلك باللسان لا بالقلب والاكراه لا يمنع فعل اللسان فلا يمنع النفاذ انتهى. وفى الحديث " ان الله بعثنى برسالته فضقت بها ذرعا فاوحى الله تعالى الى ان لم تبلغ رسالتى عذبتك وضمن لى العصمة فقويت " ويدخل فيه العلماء الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر فانهم اذا عملوا بما علموا وتصدوا للتبليغ وخافوا الله دون غيره فان الله تعالى يحفظهم من كيد الاعداء -حكى- ان زاهدا كسر خوابى الخمر لسليمان بن عبد الملك الخليفة فاتى به يعاقبه وكان للخليفة بغلة تقتل من ظفرت به واتفق رأى وزرائه ان يلقى الزاهد بين يدي البغلة فالقى بين يديها فخضعت له فلم تقتله فلما اصبحوا نظروا اليه فاذا هو صحيح فعلموا ان الله تعالى حفظه فاعتذروا اليه وخلوا سبيله

السابقالتالي
2