الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ }

{ قال } الله تعالى { قد اجيبت دعوتكما } يعنى موسى وهارون لانه كان يؤمن والتأمين دعاء ايضا لان معناه استجب { فاستقيما } فاثبتا على ما انتما عليه من الدعوة والزام الحجة ولا تستعجلا فان ما طلبتماه كائن فى وقته لا محالة. وفى الكواشى الاستقامة فى الدعاء ان لا يرى الاجابة مكرا واستدارجا وتأخيرها طردا وابعادا { ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون } اى بعادات الله تعالى فى تعليق الامور بالحكم والمصالح او سبيل الجهلة فى الاستعجال كارها موقوف آيد نكهداريد وقت -روى- ان موسى عليه السلا م او فرعون وهو الاولى كما فى حواشى سعدى المفتى مكث فيهم بعد الدعاء اربعين سنة. قال على رضى الله عنه جعل فى يديك مفاتيح خزائنه بما اذن لك فيه من مسألته فما شئت استفتحت بالدعاء ابواب نعمته واستمطرت شآبيب رحمته فلا يقطنك ابطاء اجابته فان العطية على قدر النية وربما اخرت عنك الاجابة ليكون ذلك اعظم لاجر السائل واجزل لعطاء الآمل وفى الحديث " ما من داع يدعو الا استجاب الله له دعوته او صرف عنه مثلها سوأ او حط من ذنوبه بقدرها ما لم يدع باثم او قطيعة رحم " اى لم يدع حال مقارنة اثم او قطيعة رحم كما فى شرح العقائد لرمضان وفى المثنوى
جزتوبيش كه بر بنده دست هم دعا وهم اجابت از تو است هم زاول دهى ميل دعا تو دهى آخر دعاهارا جزا   
وفيه ايضا
داد مر فرعونرا صد ملك ومال تا بكرد او دعوى عز وجلال در همه عمرش نديد او درد سر تا ننالد سوى حق آن بد كهر درد آمد بهتر از ملك جهان تا بخوانى مر خدارا در نهان   
ومن شرائط الدعاء الذلة فان الاجابة مترتبة عليها كالنصر كما قال تعالىولقد نصركم الله ببدر وانتم اذلة } وعن ابى يزيد البسطامى قدس سره انه قال كابدت العبادة ثلاثين سنة فرأيت قائلا يقول لى يا ابا يزيد خزائنه مملوءة من العبادة ان اردت الوصول اليه فعليك بالذلة والافتقار كما قال الحافظ
فقير وخسته بدر كاهت آمدم رحمى كه جزدعاى توام نيست هيج دست آويز   
وفى الآية بيان جواز الدعاء السوء عند مساس الحاجة اليه وقد صدر من النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ايضا حيث دعا على مضر حيث بالغوا فى الاذية له عليه السلام فقال " اللهم اشدد وطاتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسنى يوسف " يعنى خذهم اخذا شديدا وعنى بسنى يوسف السبع الشداد فاستجاب الله دعاءه عليه السلام فاصابتهم سنة اكلوا فيها الجيف والجلود والعظام والعلهز وهو الوبر والدم اى يخلط الدم باوبار الابل ويشوى على النار وصار الواحد منهم يرى ما بينه وبين السماء كالدخان من الجوع. ثم ان العذاب الاليم للنفس فطامها عن شواتها ومألوفاتها فهى لا تؤمن بالآخرة على الحقيقة ولا تسلك سبيل الطلب حتى تذوق الم ذلك العذاب فان ذلك موت لها معنى ولا ينتبه الناس الا بعد الموت ايقظنا الله واياكم من رقدة الغفلات