الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰت وَمَا فِي ٱلأَرْضِ إِنْ عِندَكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بِهَـٰذَآ أَتقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }

{ قالوا } اى بنوا مدلج كما فى الكاشفى { اتخذ الله ولدا } اى تبناه. وفى التبيان قالت اليهود عزير بن الله وقالت النصارى المسيح بن الله وقالت قريش الملائكة بنات الله { سبحانه } تنزيه وتقديس له عما نسبوا اليه من الولد وتعجب لكلمتهم الحمقاء اما انه تنزيه فلان تقديره اسبحه تسبيحا اى انزه تنزيها واما انه تعجب فلانه يقال فى مقام التعجب سبحان الله واستعمال اللفظ فى الاول حقيقى وفى الثانى مجازى. فان قلت لفظ واحد فى معنيين حقيقى ومجازى ممنوع قلت لا يلزم ان يكون استفادة معنى التعجب منه باستعمال اللفظ فيه بل هى من المعانى الثوانى كما فى حواشى سعدى حلبى. ورد فى الاذكار لكل اعجوبة سبحان الله ووجه اطلاق هذه الكلمة عند تعجب هو ان الانسان عند مشاهدة الامر العجيب الخارج عن حد امثاله يستبعد وقوعه وتنفعل نفسه منه كأنه استقصر قدرة الله فلذلك خطر على قلبه ان يقول قدر عليه واوجده ثم تدارك انه فى هذا الزعم مخطئ فقال سبحان الله تنزيها لله تعالى عن العجز عن خبق امر عجيب يستبعد وقوعه لتيقنه بانه تعالى على كل شيء قدير كذا فى حواشى ابن الشيخ فى سورة النصر { هو الغنى } عن كل شيء وهو علة لتنزهه سبحانه فان اتخاذ الولد مسبب عن الحاجة فيتخذه الضعيف ليتقوى به والفقير ليستعين به والذليل ليتعزز به والحقير ليشتهر به وكل ذلك علامة الاحتياج { له ما فى السماوات وما فى الارض } اى من العقلاء وغيرهم وهو تقرير لغناه وتحقيق لمالكيته تعالى لكل ما سواه { ان عندكم من سلطان بهذا } اى ما عندكم حجة وبرهان بهذا القول الباطل الذى صدر منكم فان نافية ومن زائدة لتأكيد النفى وسلطان مبتدأ والظرف المتقدم خبره متعلق بسلطان { اتقولون على الله ما لا تعلمون } توبيخ وتقريع على اختلافهم وجهلهم. وفيه تنبيه على ان كل قول لا دليل عليه فهو جهالة وان العقائد لا بد لها من برهان قطعى وان التقليد فيها غير جائز