الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ وَرُدُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }

{ هنالك } ظرف مكان اى فى ذلك المقام الدهش او فى ذلك الوقت على استعارة ظرف المكان للزمان { تبلو } من البلوى والاختبار. فى الفارسية بيازمودن اى تختبر وتذوق { كل نفس } مؤمنة كانت او كافرة سعيدة او شقية { ما اسلفت } اى قدمت من العمل فتعاين نفعه وضره واما ما عملت من حالها من حين الموت والابتلاء بالعذاب فى البرزخ فامر مجمل { وردوا } الضمير للذين اشركوا على انه معطوف على زيلنا وما عطف عليه وقوله تعالى { هنالك تبلو } الخ اعتراض فى اثناء المقرر لمضمونها { الى الله } اى جزائه وعقابه فان الرجوع الى ذاته تعالى مما لا يتصور { مولاهم } ربهم { الحق } اى المتحقق الصادق ربوبيته لا ما اتخذوه ربا باطلا. قال الشيخ فى تفسيره مولاهم الحق الذى يتولى ويملك امرهم حقيقة ولا يشكل بقوله وان الكافرين لا مولى لهم لان المعنى فيه المولى الناصر وفى الاول المالك { وضل عنهم } وضاع اى ظهر ضياعه وضلاله الا انه كان قبل ذلك غير ضال او ضل فى اعتقادهم الجازم ايضا { ما كانوا يفترون } من ان آلهتهم تشفع لهم اوما كانوا يدعون انهم شركاء الله. واعلم ان اكثر ما اعتمد عليه اهل الايمان يتلاشى ويضمحل عند ظهور حقيقة الامر يوم القيامة فكيف ما استند اليه الشرك والعصيان -كما حكى- ان الجنيد قدس سره رؤى فى المنام بعد موته فقيل له ما فعل الله بك فقال طاحت تلك الاشارات وفنيت تلك العبارات وابيدت تلك الرسوم وغابت تلك العلوم وما نفعنا الا ركيعات كنا نركعها فى السحر
هر كنج سعادت كه خداداد بحافظ ازيمن دعاى شب وورد سحرى بود   
ثم ان الآية الشريفة اشارت الى ان النفس انما تعبد الهوى ولا محراب لها فى توجهها الا ما سوى المولى. قال بعض السادة رحمه الله نحت الجبال بالاظافر ايسر من زوال الهوى اذا تمكن وكما لا يحب الله العمل المشترك بالالتفات لغيره نفسا كان او غيرها كذا لا يحب القلب المشترك بمحبة غيره من شهوة او غيرها. قال محمد بن حسان رحمه الله بينا انا ادور فى جبل لبنان اذ خرج على شاب قد احرقته السموم والرياح فلما رآنى ولى هاربا فتبعته وقلت عظنى بكلمة انتفع بها قال احذره فانه غيور لا يحب ان يرى فى قلب عبده سواه. قال ابن نجيد رحمه الله لا يصفو لاحد قدم فى العبودية حتى يكون افعاله كلها عنده رياء واحواله كلها عنده دعاوى وانما يفتضح المدعون بزوال الاحوال وفى المثنوى
جون بباطن بنكرى دعوى كجاست اوودعوى بيش آن سلطان فناست   
وقال الحافظ قدس سره
حديث مدعيان وخيال همكاران همان حكايت زردوز وبوريافست   

السابقالتالي
2