الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَآءَهُمُ ٱلْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ }

{ هو } اى الله تعالى { الذي يسيركم } من التسيير والتضعيف فيه للتعدية يقال سار الرجل وسيرته انا وهو بالفارسية برفتن آوردن والمعنى مى رائد وقدرت مى دهد قطع مسافت شمارا { فى البر } على الاقدام وظهر الدواب من الخيل والبغال والحمير والابل { والبحر } علىالسفن الكبيرة والصغيرة المعبر عنها بالفارسية كشتى وزورق وفيه اشارة الى ان المسير فى الحقيقة هو الله تعالى لا الريح فان الريح لا يتحرك بنفسه بل له محرك الى ان ينتهى الى المحرك الاول الذى لا محرك له ولا يتحرك هو فى نفسه ايضا بل هو منزه عن ذلك وعما يضاهيه سبحانه وتعالى ومن عرف ذلك وقطع الاعتماد على الريح فى استواء السفينة وسيرها تحقق بحقائق توحيد الافعال والا بقى فى الشرك الخفى قال السعدى قدس سره
قضا كشتى آنجا كه خواهد برد وكر ناخذا جامه برتن درد   
وقال الحافظ قدس سره
من از بيكانكان ديكر ننالم كه بامن هرجه كرد آن آشنا كرد   
{ حتى اذا كنتم فى الفلك } غاية لقوله. يسيركم فى البحر. فان قيل غاية الشيء تكون بعده والحال ان السير فى البحر يكون بعد الكون فى الفلك قلنا ليس الغاية مجرد الكون فى الفلك بل هى الكون فى الفلك مع ما عطف عليه من قوله { وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها } فان هذا المجموع بعد السير فى البحر { وجرين } اى الفلك لانه جمع مكسر بمعنى السفن وتغييره تقديري بناء علىان ضمته كضمة اسد جمع اسد وضمة مفرده كضمة قفل { بهم } اى بالذين فيها والالتفات فى بهم للمبالغة فى التقبيح والانكار عليهم كانه يذكر لغيرهم حالهم ليعجبهم منها ويحملهم على الانكار والتقبيح { بريح طيبة } لينة الهبوب موافقة لمقصدهم { وفرحوا بها } بتلك الريح لطيبها وموافقتها { جاءتها } اى تلقت الريح الطيبة واستولت عليها من طرف مخالف لها فان الهبوب على وفقها لا يسمى مجيئا لريح اخرى عادة بل هو اشتداد للريح الاولى { ريح عاصف } يقال عصفت الريح اى اشتدت فهى ريح عاصفة اى شديدة الهبوب ولم يقل عاصفة لاختصاص الريح بالعصوف فلا حاجة الى الفارق { وجاءهم الموج } وهو ما ارتفع من الماء { من كل مكان } اى من امكنة مجيء الموج عادة ولا بعد فى مجيئه من جميع الجوانب ايضا اذ لا يجب ان يكون مجيئه من جهة هبوب الريح فقط بل قد يكون من غيرها بحسب اسباب تتفق واليه مال الكاشفي حيث قال يعنى ازجب وراست وبيش وبس { وظنوا انهم احيط بهم } اى هلكوا فان ذلك فى الهلاك واصله احاطة العدو بالحى { دعوا الله } بدل من ظنوا بدل اشتمال لان دعاءهم ملابس لظنهم الهلاك ملابسة الملزوم { مخلصين له الدين } من غير ان يشركوا به شيئا من آلهتهم فان اخلاص الدين والطاعة له تعالى عبارة عن ترك الشرك وهذا الاخلاص ليس مبنيا على الايمان بل جار مجرى الايمان الاضطرارى.

السابقالتالي
2