الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ فِيۤ آيَاتِنَا قُلِ ٱللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ }

{ واذا اذقنا الناس } اى اهل مكة { رحمة } صحة وسعة { من بعد ضراء } كقحط ومرض { مستهم } اصابتهم وخالطتهم حتى احسوا بسوء اثرها فيهم واسناد المساس الى الضراء بعد اسناد الاذاقة الى ضمير الجلالة من الآداب القرآنية كما فى قوله تعالىواذا مرضت فهو يشفين } ونظائره واذا للشرط وجوابه قوله { اذا } للمفاجأة { لهم مكر فى آياتنا } فى فاجأوا فى وقت اذاقة الرحمة وقوع المكر منهم بالطعن فى الآيات والاحتيال فى دفعها وسارعوا اليه قبل ان ينفضوا عن رؤوسهم غبار الضراء. قيل قحط اهل مكة سبع سنين حت كادوا يهلكون ثم رحمهم الله وانزل الغيث على اراضيهم فطفقوا يقدحون فى آيات الله ويكيدون رسوله. قال مقاتل لا يقولون هذا رزق الله وانما يقولون سقينا بنوء كذا وكانت العرب تضيف الامطار والرياح والحر والبرد الى الساقط من الانواء جمع نوء وهى ثمانية وعشرون منزلا ينزل القمر كل ليلة فى منزل منها ويسقط فى المغرب نجم واحد من تلك المنازل الثمانية والعشرين فى كل ثلاثة عشر يوما مع طلوع الفجر ويطلع رقيبه من المشرق فى ساعته فى مقابلة ذلك الساقط وهذا فى غير الجبهة فان لها اربعة عشر يوما فينقضى الجميع بانقضاء السنة اى مع انقضاء ثلاثمائة وخمسة وستين يوما لان ثلاثة عشر فى ثمانى وعشرين مرة تبلغ هذا القدر من العدد وانما سمى النجم نوأ لانه اذا سقط الساقط منها بالمغرب فالطالع بالمشرق ينوء اى ينهض ويطلع فلما انجاهم الله من القحط لبسوا الامر على اتباعهم واضافوا ذلك المطر الى الانواء لا الى الله لئلا يشكروا الله ولا يؤمنوا بآياته فقيل هذا هو المراد بمكرهم فى آيات الله. ومن لا يرى الامطار الا من الانواء كان كافرا بخلاف من يرى انها بخلق الله والانواء وسائط وامارات بجعله تعالى كما قال فى الروضة المؤثر هو الله تعالى والكواكب اسباب عادية قال الحافظ
كررنج بيشت آيد وكرراحت اى حكيم نسبت مكن بغير كه اينها خذا كند   
{ قل الله اسرع مكرا } اى اعجل عقوبة اى عقابه اسرع وصولا اليكم مما يأتى منكم في دفع الحق وتسمية العقوبة بالمكر لوقوعها فى مقابلة مكرهم وجودا فيكون من باب تسمية الشئ باسم سببه او ذكرا فيكون من باب المشاكلة -روى- عن مقاتل انه تعالى قتلهم يوم بدر وجازى مكرهم فى آياته بعقاب ذلك اليوم فكان اسرع فى اهلاكهم من كيدهم فى اهلاكه عليه السلام وابطال آياته والمكر اخفاء لكيد وارادة الله خفية عليهم وارادتهم ظاهرة
توكل على الرحمن واحتمل الردى ولا تخش مما قد يكيد بك العدى   
{ ان رسلنا } الذين يحفظون اعمالكم وهم الكرام الكاتبون. وفيه التفاوت اذ لو جرى على اسلوب قوله

السابقالتالي
2