الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ }

{ صراط الذين انعمت عليهم } بدل من الاول بدل الكل والانعام ايصال النعمة وهى فى الاصل الحالة التى يستلذها الانسان فاطلقت على ما يستلذه من نعمة الدين الحق. قال ابو العباس ابن عطاء هؤلاء المنعم عليهم هم طبقات فالعارفون انعم الله عليهم بالمعرفة والاولياء انعم الله عليهم بالصدق والرضى واليقين والصفوة والابرار انعم الله عليهم بالحلم والرأفة والمريدون انعم الله عليهم بحلاوة الطاعة والمؤمنون انعم الله عليهم بالاستقامة. وقيل هم الانبياء والصديقون والشهداء والصالحون كما قال تعالىفأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين } النساء 69 واضيف الصراط هنا الى العباد وفى قولهوأن هذا صراطي مستقيما } الأَنعام 153 الى ذاته تعالى كما اضيف الدين والهدى تارة الى الله تعالى نحوأفغير دين الله } آل عمران 83قل إن الهدى هدى الله } آل عمران 73 وتارة الى العباد نحواليوم أكملت لكم دينكم } المائدة 3فبهداهم اقتده } الأَنعام 90 وسره من وجوه. الاول بيان ان ذلك كله له شرعا ولنا نفعا كما قال تعالىشرع لكم من الدين } الشورى 13. والثانى انه له ارتضاء واختيارا ولنا سلوكا وائتمارا. والثالث انه اضافه الى نفسه قطعا لعجب العبد والى العبد تسلية لقلبه. والرابع انه اضافه الى العبد تشريفا له وتقريبا والى نفسه قطعا لطمع ابليس عنه كما قيل لما نزل قوله تعالىولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } المنافقون 8 قال الشيطان ان لم اقدر على سلب عزة الله ورسوله اسلب عزة المؤمنين فقال الله تعالىفلله العزة جميعا } فاطر 10 فقطع طمعه كذا فى التيسير. وتكرار الصراط اشارة الى ان الصراط الحقيقى صراطان من العبد الى الرب ومن الرب الى العبد فالذى من العبد الى الرب طريق مخوف كم قطع فيه القوافل وانقطع به الرواحل ونادى منادى العزة لاهل العزة الطلب رد والسبيل سد وقاطع الطريق يقطع على هذا الفريقلأَقعدن لهم صراطك المستقيم } الأعراف 16 الآية والذى من الرب الى العبد طريق آمن وبالامان كائن قد سلم فيه القوافل وبالنعم محفوف المنازل يسير فيه سيارته ويقاد بالدلائل قادتهمع الذين أنعم الله عليهم من النبيين } النساء 69 الآية اى انعم الله على اسرارهم بانوار العناية وعلى ارواحهم باسرار الهداية وعلى قلوبهم بآثار الولاية وعلى نفوسهم فى قمع الهوى وقهر الطبع وحفظ الشرع بالتوفيق والرعاية وفى مكايد الشيطان بالمراقبة والكلاية. والنعم اما ظاهرة كارسال الرسل وانزال الكتب وتوفيق قبول دعوة الرسل واتباع السنة واجتناب البدعة وانقياد النفس للاوامر والنواهي والثبات على قدم الصدق ولزوم العبودية. واما باطنة وهى ما انعم على ارواحهم فى بداية الفطرة باصابة رشاش نوره كما قال عليه السلام " ان الله خلق الخلق فى ظلمة ثم رش عليهم من نوره فمن اصابه ذلك النور فقد اهتدى ومن اخطأه فقد ضل "

السابقالتالي
2 3 4 5 6