الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { إِذْ أَنتُمْ بِالْعُدْوَةِ ٱلدُّنْيَا وَهُم بِٱلْعُدْوَةِ ٱلْقُصْوَىٰ وَٱلرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي ٱلْمِيعَادِ وَلَـٰكِن لِّيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ }

{ واعلموا أنما غنمتم من شيء فأنّ لله خُمْسه } إلى قوله: { والله شديد العقاب } لا يقبل التأويل بحسب ما ورد فيه من الواقعة وإن شئت تطبيقه على تفاصيل وجودك أمكن أن نقول: واعلموا أيها القوى الروحانية أنما غَنمتم من العلوم النافعة والشائع المبنيّ عليها الإسلام في قوله: بُنِي الإسلام على خمس، فإن لله خمسه، وهو شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله، باعتبار التوحيد الجمعي ولرسول القلب { ولذي القُرْبى } الذي هو السر، ويتامى العاقلة النظرية والعملية، والقوّة الكفرية، ومساكين القوى النفسانية { وابْن السبيل } الذي هو النفس السالكة الداخلة في الغربة الجائبة منازل السلوك، النابية عن مقرها الأصلي باعتبار التوحيد التفصيلي في العالم النبوي. والأخماس الأربعة الباقية تقسم على الجوارح والأركان والقوى الطبيعية { إن كنتم آمنتم } الإيمان الحقيقي { بالله } جمعاً، { وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان } وقت التفرقة بعد الجمع تفصيلاً { يوم التقى الجمعان } من فريقي القوى الروحانية والنفسانية عند الرجوع إلى مشاهدة التفصيل في الجمع. { إذ أنتم بالعدوة الدنيا } من مدينة العلم ومحل العقل الفرقاني { وهم بالعدوة القصوى } أي: الجهة السفلية البعيدة من الحق ومحل العلم وركب القوى الطبيعية الممتازة للقوى النفسانية { أسفل منكم } أي: من الفريقين { ولو تواعدتم } اللقاء للمحاربة من طريق العقل والحكمة دون طريق الرياضة والوحدة { لاختلفتم في الميعاد } لكون ذلك صعباً حينئذ، موجباً للفشل والجبن { ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً } مقدّراً، محققاً عنده، واجباً وقوعه فعل ذلك { ليهلك من هلك عن بيّنة } هي كونها ملازمة للبدن الواجب الفناء منطبعة فيه { ويحيا من حيّ عن بيّنة } هي كونها مجرّدة عنه متصلة بعالم القدس الذي هو معدن الحياة الحقيقية الدائم البقاء.