الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } * { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَٰناً وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } * { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } * { أُوْلۤـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }

{ يسألونك عن الأنفال } احتجبوا بأفعالهم فاعترضوا على فعل الله ورسوله، أي: فعل الله في مظهر الرسول، فأمروا بتقوى الأفعال، أي: الاجتناب عنها برؤية فعل الله، وإصلاح ذات البين بمحو صفات النفوس التي هي مصادر أفعالهم الموجبة للتنازع والتخالف حتى يرجعوا إلى الإلفة والمحبة القلبية بظهور أنواع الصفات { وأطيعوا الله ورسوله } بفناء صفاتها ليتيسر لكم قبول الأمر بالإرادة القلبية. { إن كنتم مؤمنين } الإيمان الحقيقي { إنما المؤمنون } بالإيمان الحقيقي { الذين إذا ذُكِرَ الله } ذكر الصفات الذي للقلب لا ذكر الأفعال الذي للنفس { وجِلَتْ قلوبهم } تأثرت بتصوّر العظمة والبهاء والقهر والكبرياء وإشراق أنوار تجليات تلك الصفات عليها { وإذا تُلِيَت عليهم آياته } أي: جليت عليهم صفاته في المظاهر الكلامية { زادتهم إيماناً } حقيقياً بالترقي عن مقام العلم إلى العين { وعلى ربّهم يتوكلون } أي: يصححون مقام التوكل بفناء الأفعال ويتممونه في مقام فناء الصفات. فإن تصحيح كل مقام إنما يتم بالترقي عنه والنظر إليه من مقام فوقه. { الذين يُقِيمون } صلاة الحضور القلبي بمشاهدة الصفات والترقي فيها بتجلياتها { ومما رزقناهم } من علوم التوكل في مقام فناء الأفعال أو علوم تجليات الصفات في السير فيها { يُنْفِقون } بالعمل بها والإفاضة على مستحقيها. { أولئك هم المؤمنون حقاً } الإيمان الحقيقي { لهم درجات عند ربهم } من مراتب الصفات وروضات جنّات القلب { ومغفرة } من ذنوب الأفعال { ورزق كريم } من باب تجليات الصفات وعلومها.