{ إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام } أي: اختفى في صور سماء الأرواح وأرض الأجساد في ستة آلاف سنة لقوله تعالى:{ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } [الحج، الآية: 47] أي: من لدن خلق آدم إلى زمان محمد عليهما الصلاة والسلام لأن الخلق هو اختفاء الحق في المظاهر الخلقية وهذه المدة من ابتداء دور الخفاء إلى ابتداء الظهور الذي هو زمان ختم النبوّة وظهور الولاية، كما قال صلى الله عليه وسلم: " إنّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله فيه السموات والأرض " ، لأن ابتداء الخفاء بالخلق هو انتهاء الظهور، فإذا انتهى الخفاء إلى الظهور عاد إلى أول الخلق كما مرّ، ويتم الظهور بخروج المهدي عليه السلام في تتمة سبعة أيام ولهذا قالوا: مدة الدنيا سبعة آلاف سنة. { ثم استوى على العرش } أي: عرش القلب المحمدي بالتجلي التام فيه بجميع صفاته كما ذكر في معنى ص { يُغْشي } ليل البدن وظلمة الطبيعة نهار نور الروح { يطلبه } بتهيئته واستعداده لقبوله باعتدال مزاجه سريعاً، وشمس الروح وقمر القلب ونجوم الحواس { مسخّرات بأمره } الذي هو الشأن المذكور في قوله تعالى:{ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } [الرحمن، الآية: 29]. { ألا لَهُ } الإيجاد بالقدرة والتصريف بالحكمة، أو ألا له التكوين والإبداع. وإن حمل السموات والأرض على الظاهر فالأيام الستة هي الجهات الست، إذ يعبر عن الحوادث بالأيام كقوله تعالى:{ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ } [إبراهيم، الآية: 5] أي: خلق عالم الأجسام في الجهات الست ثم استعلى متمكناً على العرش بالتأثير فيه بإثبات صور الكائنات عليه. وللعرش ظاهر وباطن، فظاهره هو السماء التاسعة التي تنتقش فيها صور الكائنات عليه. وللعرش ظاهر وباطن، فظاهره هو السماء التاسعة التي تنتقش فيها صور الكائنات بأسرها ويتبع وجودها وعدمها المحو والإثبات فيها على ما سيأتي في تأويل قوله تعالى:{ يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ } [الرعد، الآية: 39] إن شاء الله. وباطنه هو العقل الأول المرتسم بصور الأشياء على وجه كليّ، المعبر عنه ببطنان العرش كما جاء: " نادى منادى من بطنان العرش " ، وهو محل القضاء السابق، فالاستواء عليه قصد الاستعلاء عليه بالتأثير في إيجاد الأشياء بإثبات صورها عليه قصداً مستوياً من غير أن يلوي إلى شيء غيره.