الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } * { وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي ٱلْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ } * { وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ ٱجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يِوحَىٰ إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَـٰذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { وَإِذَا قُرِىءَ ٱلْقُرْآنُ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِّنَ ٱلْغَافِلِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ }

{ إنّ الذين اتّقوا } الشرك { إذا مسّهم طائف } لمسة { من الشيطان } بنسبة الفعل إلى الغير { تذكروا } مقام التوحيد ومشاهدة الأفعال من الله { فإذا هم مُبْصِرون } فعالية الله، فلا يبقى شيطان ولا فاعل غير الله في نظرهم. وإخوان الشياطين من المحجوبين { يمدّونهم } في نسبة الفعل إلى غيره فلا يقصرون من العناد والمراء والجهل { لولا اجْتَبَيتها } أي: هلا اجتمعتها من تلقاء نفسك { قل إنما أتّبع ما يُوحى إليّ من ربّي } أي: لا افتعل بنفسي، بل أبلغ عن الله ولا أقول إلا ما يوحى إليّ منه به لأني قائم به لا بنفسي { فاستمعوا له } أي: إلى الله ولا تستمعوا إلا منه { وأنصتوا } عن حديث النفس وغيره، فإنّ المتكلم به هو الله { لعلّكم تُرْحَمون } برحمة تجلي المتكلم في كلامه بصفاته وأفعاله { واذكر ربك } حاضراً { في نفسك } كقوله تعالى:لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } [الأحزاب، الآية: 21]. { تَضَرعاً } في مقام التفصيل للجمع { وخِيفَة } في السر من النفس أو خيفة أن يكون للنفس فيه نصيب { ودون الجَهْر } أي: دون أن يظهر لك التضرع والذكر منك، بل تكون ذاكراً به له في غدوّ ظهور نور الروح وإشراقه وغلبته، وآصال غلبات صفات النفس وقواها { ولا تكن } في حال من الأحوال، وخصوصاً حال غلبات النفس وصفاتها { من الغافلين } عن شهود الوحدة الذاتية. { إنّ الذين عند ربّك } بالتوحيد والفناء فيه باقين به ذوي الاستقامة { ولا يسْتَكْبرون عن عبادَتِه } بسبب احتجابهم بالأنائية بل يشاهدون التفصيل في عين الجمع فيذعنون له { ويسبّحونه } ينزّهونه عن الشرك بنفي الأنائية { وله يَسْجدون } بالفناء التام، وطمس البقية، وآثار الأينة، والله الباقي بعد فناء الخلق.