الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } * { تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّن ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

{ يا أيها الذين آمنوا } الإيمان التقليدي لأن التجارة المنجية من العذاب الأليم التي دعاهم إليها إنما تكون للمحتجبين عن نور الله بصفات النفوس وهيئاتها { تؤمنون بالله ورسوله } تحقيقاً ويقيناً استدلالياً { و } بعد صحة الاستدلال وقوة اليقين { تجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم } لأن بذل المال والنفس في سبيل الله لا يكون إلا عن يقين { ذلكم خير لكم } لأنهما ستصيران إلى الفناء فإذا بعتموهما بالباقيات من اللذات المستعلية عليهما كان خيراً لكم { إن كنتم تعلمون } علماً يقينياً. { يغفر لكم } ذنوب سيئات أعمالكم وهيئات نفوسكم المظلمة { ويدخلكم جنات } من جنات النفوس لأنهم كانوا تاجرين باذلين الأنفس والأموال للأعواض، عاملين بقوله:إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ } [التوبة، الآية:111] { تجري من تحتها } أنهار علوم التوكل وتوحيد الأفعال وعلوم الشرائع والاخلاق { ومساكن طيبة } كمقام التوكل وسائر منازل النفوس ومقاماتها { ذلك الفوز العظيم } بالسنبة إلى من ليس له هذه المقامات في تلك الجنات لا العظيم المطلق. { وأخرى تحبونها } وتجارة أخرى أربح منها وأجلّ محبوبة إليكم هي { نصر من الله } بالتأييد الملكوتي والكشف النوري { وفتح قريب } بالوصول إلى مقام القلب ومطالعة تجليات الصفات وحصول مقام الرضا، وإنما قال { تحبونها } ، لأن المحبة الحقيقية لا تكون إلا بعد الوصول إلى مقام القلب وإنما سماها تجارة لاستبدالهم صفات الله تعالى مكان صفاتهم.