الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىۤ أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ } * { وَهُوَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ } * { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَٰتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } * { فَقَدْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } * { أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّٰهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا ٱلسَّمَآءَ عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا ٱلأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَٰهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ } * { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَٰباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { وَقَالُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ ٱلأَمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ }

{ الحَمْدُ لله الذي خَلَقَ السموات والأرض } ظهور الكمالات، وصفات الجمال والجلال على مظاهر تفاصيل الموجودات بأسرها الذي هو كمال الكل. والحمد المطلق مخصوص بالذات الإلهية الجامعة لجميع صفاتها وأسمائها باعتبار البداية الذي أوجد سموات عالم الأرواح وأرض عالم الجسم وأنشأ في عالم الجسم ظلمات مراتبه التي هي حجب ظلمانية لذاته وفي عالم الأرواح نور العلم والإدراك { ثم } أي: بعد ظهور هذه الآيات { الذين كفَرُوا } حجبوا مطلقاً { بربّهم يعدلون } غيره يثبتون موجوداً يساويه في الوجود { هو الذي خلقكم من طين } المادة الهيولانية { ثم قضى أجلاً } مطلقاً غير معين بوقت وهيئة، لأن أحكام القضاء الثابت الذي هو أمّ الكتاب كلية منزّهة عن الزمان، متعالية عن المشخصات إذ محلها الروح الأولى المقدّس عن التعلق بالمحل، فهو الأجل الذي يقتضيه الاستعداد طبعاً بحسب هويته المسمّى أجلاً طبيعياً بالنظر إلى نفس ذلك المزاج الخاص والتركيب المخصوص بلا اعتبار عارض من العوارض الزمانية { وأجل مسمّى } معين { عنده } هو الأجل المقدّر الزماني الذي يجب وقوعه عند اجتماع الشرائط وارتفاع الموانع المثبت في كتاب النفس الفلكية التي هي لوح القدر المقارن لوقت معين ملازماً له، كما قال تعالى:فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } [الأعراف، الآية: 34]. { ثم أنتم } بعدما علمتم قدرته على إبدائكم وإفنائكم وإحاطة علمه بكم تشكون فيه وفي قدرته، فتتبتلون لغيره تأثيراً وقدرة. { وهو الله } في صورة الكل سواء ألوهيته بالنسبة إلى العالم العلويّ والسفليّ { يعلم سرّكم } في عالم الأرواح الذي هو عالم الغيب { وجهركم } في عالم الأجسام الذي هو عالم الشهادة { ويعلم ما تكسبون } فيهما من العلوم والعقائد والأحوال والحركات والسكنات والأعمال صحيحها وفاسدها، صوابها وخطئها، خيرها وشرّها، فيجازيكم بحسبها.