{ وهذا } أي: طريق التوحيد وإسلام الوجه إلى الله { صراط ربك مستقيماً } لا اعوجاج فيه بوجه من الوجوه يميل إلى جانب الصورة وإلى جانب المعنى أو إلى النظر إلى الغير والشرك به { قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون } المعارف والحقائق التي هي مركوزة في استعدادهم فيهتدوا بها { لهم دار السلام } السلامة من كل نقص وآفة وخوف ظهور صفة ووجود بقية { عند ربّهم } في حضرة صفاته أو حضرة ذاته { وهو وليهم } يعطيهم محبته وكماله، ويدخلهم في ظل صفاته وذاته، ويجعلهم في أمانه بالبقاء السرمدي بعد فناء حدثانهم بسبب أعمالهم القلبية والقالبية في سلوكهم. { يوم يحشرهم } في يوم عين الجمع المطلق { جميعاً }. قلنا { يا معشر } جنّ القوى النفسانية { قد اسْتَكْثَرتم من الإنس } أي: من الحواس والأعضاء الظاهرة أو من الصور الإنسانية بأن جعلتموهم أتباعكم وأهل طاعتكم إياهم، وتسويلكم وتزيينكم الحطام الدنيوية واللذات الجسمانية عليهم، ووسوستكم إياهم بالمعاصي { وقال أولياؤهم من الإنس } الذين تولوهم { ربنا استمتع بعضنا ببعض } بانتفاع كل منا في صورة الجمعية بالآخر { و } قد { بلغنا أجلنا الذي أجّلتَ لنا } بالموت أو بالمعاد الجسماني على أقبح الصور وأسوأ العيش { قال النار } نار الحرمان عن اللذات ووجدان الآلام { مثواكم خالدين فيها إلا } وقت { ما شاء الله } أن تخفّف، أو ينجي منكم من لا يكون سبب تعذبه شركاً راسخاً في اعتقاده { إنّ ربك حكيم } لا يعذبكم إلا بهيآت نفوسكم التي كسبتم على ما تقتضيه الحكمة { عليم } بمن يتعذب باعتقاده فيدوم عذابه أو بهيآت سيئات أعماله فيعذب على حسبها ثم ينجو منه.