الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ مَآ أَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ } * { فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ } * { وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ } * { لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ } * { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ } * { وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلْحِنثِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَكَانُواْ يِقُولُونَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } * { أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ } * { قُلْ إِنَّ ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ } * { لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } * { ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا ٱلضِّآلُّونَ ٱلْمُكَذِّبُونَ } * { لأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ } * { فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } * { فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْحَمِيمِ } * { فَشَارِبُونَ شُرْبَ ٱلْهِيمِ } * { هَـٰذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ ٱلدِّينِ } * { نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ } * { أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ } * { ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ } * { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } * { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } * { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ } * { ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ٱلزَّارِعُونَ } * { لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } * { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } * { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } * { أَفَرَءَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِي تَشْرَبُونَ } * { ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ } * { لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } * { أَفَرَأَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ } * { أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ }

{ وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال } أي: هم الذين يتعجب من أحوالهم وصفاتهم في الشقاوة والنحوسة والهوان والخساسة { في سموم } من الأهواء المردية والهيئات الفاسقة المؤذية { وحميم } من العلوم الباطلة والعقائد الفاسدة { وظل من يحموم } من هيئات النفوس المسودة بالصفات المظلمة والهيئات السود الرديئة لأن اليحموم دخان أسود بهيم { لا بارد ولا كريم } أي: ليس له صفتا الظل الذي يأوي إليه الناس من الروح والنفع من يأوي إليه بالراحة بل له إيذاء وإيلام وضرّ بإيصال التعب واللهب والكرب { إنهم كانوا قبل ذلك مترفين } منهمكين في اللذات والشهوات، منغمسين في الأمور الطبيعية والغواشي البدنية، فبذلك اكتسبوا هذه الهيئات الموبقة والتبعات المهلكة { وكانوا يصرّون على الحنث العظيم } من الأقاويل الباطلة والعقائد الفاسدة التي استحقوا بها العذاب المخلّد والعقاب المؤبّد { وكانوا يقولون } أي: من جملة عقائدهم إنكار البعث { الضالّون المكذبون } أي: الجاهلون المصرون على جهالاتهم وإنكار ما يخالف عقائدهم الباطلة من الحق { لآكلوا من شجر من زقوم } أي: من نفس متعبدة اللذات والشهوات، منغمسة فيها، منجذبة إلى السفليات من الطبيعيات لتعوّدكم بها وبفوائدها { فمالئون منها } ومن ثمراتها الوبية البشعة المحرقة التي هي الهيئات المنافية للكمال الموجبة للوبال { البطون } لشدّة حرصكم ونهمكم وضراوتكم بها لشرهكم وسقمكم { فشاربون عليه من الحميم } من الوهميات الباطلة والشبهات الكاذبة التي هي من باب الجهل المورّط في المهالك والمعاطب، المسيغ لتلك الأعمال الشيطانية والأعمال البهيمية الظلمانية { فشاربون شرب الهيم } أي: التي بها الهيام من الإبل وهو داء لا ريّ معه لشدةّ شغفكم وكلبكم بها. { نحن خلقناكم } بإظهاركم بوجودنا وظهورنا في صوركم { فلولا تصدقون * أفرأيتم ما تمنون * أنتم تخلقونه } بإفاضة الصورة الإنسانية عليه { أم نحن الخالقون * أفرأيتم ما تحرثون * أأنتم تزرعونه } بإنزال الصور النوعية عليه { أم نحن الزارعون * أفرأيتم } ماء العلم الذي تشربونه بتعطش استعدادكم { أأنتم أنزلتموه } من مزن العقل الهيولاني { أم نحن المنزلون * لو نشاء جعلناه أجاجاً } بصرفه في تدابير المعاش وترتيب الحياة الدنيا { فلولا تشكرون * أفرأيتم } نار المعاني القدسية { التي تورون } بقدح زناد الفكر { أأنتم أنشأتم شجرتها } أي: القوة الفكرية { أم نحن المنشئون }.