الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { يٰقَوْمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَآمِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } * { وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِيَ ٱللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءُ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَىٰ ٱلنَّارِ أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقِّ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } * { فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَاسِقُونَ }

{ قالوا يا قومنا إنّا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى } أي: ما تأثرنا بمثل هذا التأثر النوري في الوجود المحمدي إلا في زمن موسى ومن بعده إلى هذا الزمان ما تلقينا هذا المعنى لان عيسى عليه السلام ما تم معراجه وما بلغ حاله حال النبيين المذكورين، موسى ومحمد، في الانخراط في سلك القدس في حياته ومشايعة جميع قواه لسرّه وما كمل فناؤه ليتحقق جميع قواه بالوجود الحقاني ولذلك بقي في السماء الرابعة واحتجب فيها بخلافهما وسيتبع الملة المحمدية بعد النزول ليتم حاله { مصدّقاً لما بين يديه } لكونه مطابقاً له في الهداية إلى التوحيد والاستقامة كما أشير إليه بقوله: { يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم }. { يا قومنا أجيبوا داعي الله } بمطاوعة القلب في التوجه إلى الله والتأدّب بآدابه والاستسلام لأحكامه والانقياد لأوامره ونواهيه في طاعته { وآمنوا به } بالتنوّر بنوره والانخراط في سلك عبادته { يغفر لكم من ذنوبكم } الهيئات الرذائل والميل إلى الجهات السفلية بمتابعة الهوى وحجب الصفات النفسانية دون التعلقات البدنية والشواغل الطبيعية لامتناع تجريدها عن المادة، ولهذا المعنى أورد من التبعيضية { ويجركم من عذاب أليم } بسبب النزوع والانجذاب إلى اللذات والشهوات مع الحرمان لفقدان الآلات وما قال بعض المفسرين: إنّ الجنّ لا ثواب لهم وإنما إسلامهم يدفع عقابهم، في تفسير الآية إن ثبت إشارة إلى أن هذه القوى البدنية لا حظ لها من المعاني الكلية العقلية والهيئات النورية واللذات القدسية لكن انقيادها ومطاوعتها للسر يدفع آلامها الحسية والنزوعية والله أعلم.