الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ فَٱللَّهُ هُوَ ٱلْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَمَا ٱخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى ٱللَّهِ ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } * { فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ ٱلأَنْعَامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } * { لَهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ٱللَّهُ يَجْتَبِيۤ إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ } * { وَمَا تَفَرَّقُوۤاْ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بِيْنَهُمْ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُورِثُواْ ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ }

{ أم اتَّخذوا من دُونِه أولياء } لا ولاية لهم في الحقيقة إذ لا قدرة ولا قوة ولا وجود { فالله هو الوليّ } دون غيره لتوليه كل شيء وسلطانه وحكمه { وهو } المحيي القادر، فكيف تستقيم ولاية غيره { عَلَيه توكلت } بفناء الأفعال، فلا أقابل أفعالكم بفعلي { وإلَيه أنِيب } بفناء صفاتي، فلا أظهر بصفة من صفاتي في مقابلة صفات نفوسكم. { ليسَ كمثله شيء } أي: كل الأشياء فانية فيه هالكة، فلا شيء يماثله في الشيئية والوجود { وهو السميع } الذي يسمع به كل من يسمع { البصير } الذي يبصر به كل من يبصر جمعاً وتفصيلاً يفني الكل بذاته ويبدئهم بصفاته، بيده مفاتيح الأرزاق وخزائن الملك والملكوت، يبسط ويقدِّر بمقتضى علمه على من يشاء من خلقه بحسب مصالحهم في الغنى والفقر. { شَرع لكم من الدين } المطلق الذي وصى جميع الأنبياء بإقامته واجتماعهم عليه وعدم تفرّقهم فيه، وهو أصل الدين، أي: التوحيد والعدل وعلم المعاد المعبّر عنه بالإيمان بالله واليوم الآخر دون فروع الشرائع التي اختلفوا فيها بحسب المصالح كأوضاع الطاعات والعبادات والمعاملات، كما قال تعالى:لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً } [المائدة، الآية:48]، فالدين القيم هو المتعلق بما لا يتغير من العلوم والأعمال، والشريعة هي المتعلقة بما يتغير من القواعد والأوضاع { كَبر على المُشْركين } المحجوبين عن الحق بالغير { ما تَدْعوهم إليه } من التوحيد لكونهم أهل المقت ومظاهر الغضب والقهر، وليسوا من المحبوبين الذين اجتباهم الله بمحض عنايته ومجرد مشيئته ولا من المحبين الذين وفقهم الله للإنابة إليه بالسلوك والاجتهاد والسير فيه بالشوق والافتقار، فهداهم إليه بنور وجهه وجمال ذاته، فجذب المحبوبين إليه قبل السلوك والرياضة بسابقة الاجتباء، وخصّ المحبين بعد التوفيق بالسلوك فيه والرياضة بالاصطفاء وطرد المحجوبين عن بابه وأبعدهم عن جنابه بسابقة كلمة القضاء عليهم بالشقاء.