الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلَّيلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } * { فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُواْ فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْئَمُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى ٱلأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ ٱلَّذِيۤ أَحْيَاهَا لَمُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي ٱلنَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِيۤ آمِناً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ }

{ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ نَزْغٌ } ينخسنك نخس بالمقابلة بالسيئة وداعية بالانتقام وهيجان من غضبك { فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ } بالرجوع إلى جنابه واللجوء إلى حضرته من شرّه ووسوسته ونزغه بالبراءة عن أفعالك وصفاتك والفناء فيه عن حولك وقوّتك { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ } لما هجس ببالك من أحاديث نفسك وأقوالك { ٱلْعَلِيمُ } بنياتك وما بطن من أحوالك. { وَمِنْ آيَاتِهِ } ليل ظلمة النفس بظهور صفاتها الساترة للنور لتقعوا في السيئات وتستعدّوا لقبول الوساوس الشيطانية ونهار نور الروح بإشراق أشعتها من القلب إلى النفس، فتباشروا الحسنات وتدفعوا السيئات بها وتمتنعوا عن قبول الوساوس وتتعرّضوا للنفحات وشمس الروح وقمر القلب { لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ } بالفناء فيه والوقوف معه والاحتجاب به عن الحق { وَلاَ لِلْقَمَرِ } بالوقوف مع الفضائل والكمالات والنبوّ إلى جنّة الصفات { وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ } بالفناء في الذات { إِن كُنتُمْ } موحدين، مخصصين العبودية به دون غيره لا مشركين ولا محجوبين { فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُواْ } عن الفناء فيه بظهور الأنائية والطغيان والاستعلاء بصفات النفس والعدوان { فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ } من السابقين الفانين فيه { يُسَبِّحُونَ لَهُ } بالتجريد والتنزيه عن حجب ذواتهم وصفاتهم دائماً بليل الاستتار في مقام التفصيل ونهار التجلي في مقام الجمع { لاَ يَسْأَمُونَ } لكونهم قائمين بالله ذاكرين بالمحبة الذاتية. { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ آيَاتِنَا } أي: يميلون ويزيغون فيها من طريق الحق إلى الباطل فينسبونها إلى غير الحق لاحتجابهم عنه ويتلونها بأنفسهم فيفهمون منها ما يناسب صفاتهم { لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ } وإن خفينا عنهم { وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ } منيع محميّ عن أن يمسّه وتفهمه النفوس الخبيثة المحجوبة فتغيره ويطلع عليه المبطلة فتبطله لبعده عن مبالغ عقولهم.