الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَـٰئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } * { يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذٰلِكَ فَقَالُوۤاْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذٰلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَاناً مُّبِيناً } * { وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ ٱلطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي ٱلسَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً } * { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ ٱللَّهِ وَقَتْلِهِمُ ٱلأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً } * { وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } * { بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } * { وَإِن مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً }

{ والذين آمنوا بالله ورسله } جمعاً وتفصيلاً { أُجُورهم } من الجنات الثلاثة { وكان الله غفوراً } يستر عنهم ذواتهم وصفاتهم التي هي ذنوبهم وحجبهم بذاته وصفاته { رحيماً } يرحمهم بتمتيعهم بالجنات الثلاثة وبالوجود الموهوب الحقانيّ والبقاء السرمدي { كِتاباً من السماء } علماً يقينياً بالمكاشفة من سماء الروح { أكبر من ذلك } لأن المشاهدة أكبر وأعلى من المكاشفة { بظلمهم } بطلبهم المشاهدة مع بقاء ذواتهم إذ وجود البقية عند المشاهدة وضع الشيء في غير موضعه وطلب المشاهدة مع البقية طغيان من النفس ينشأ من رؤيتها كمالات الصفات لنفسها وذلك ظلم { سُلطاناً } تسلطاً بالحجة عليهم بعد الإفاقة { بل رفعه الله إليه } إلى قوله { ليؤمنن به } رفع عيسى عليه السلام اتصال روحه عند المفارقة عن العالم السفليّ بالعالم العلوي. وكونه في السماء الرابعة إشارة إلى أن مصدر فيضان روحه روحانية تلك الشمس الذي هو بمثابة قلب العالم ومرجعه إليه وتلك الروحانية نور يحرّك ذلك الفلك بمعشوقيته وإشراق أشعته على نفسه المباشرة لتحريكه ولما كان مرجعه غلى مقرّه الأصليّ ولم يصل إلى الكمال الحقيقيّ وجب نزوله في آخر الزمان، بتعلّقه ببدن آخر وحينئذ يعرفه كل أحد فيؤمن به أهل الكتاب، أي: أهل العلم العارفين بالمبدأ والمعاد كلهم عن آخرهم قبل موت عيسى بالفناء في الله، وإذ آمنوا به يكون يوم القيامة أي يوم بروزهم عن الحجب الجسمانية وقيامهم عن حال غفلتهم ونومهم الذي هم عليه الآن { شَهيداً } شاهدهم يتجلى عليهم الحق في صورته كما أشير إليه.