الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ للَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً } * { إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ فِي ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَٱعْتَصَمُواْ بِٱللَّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً } * { مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً } * { لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوۤءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً } * { إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوۤءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ ٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } * { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }

{ لا تتخذوا الكافِرين أوليَاء } لئلا يتعدّى إليكم كفرهم واحتجابهم بالصحبة والمخالطة فإنه لا شيء أقوى تأثيراً من الصحبة والميل إلى ولايتهم لا يخلو عن جنسية بينهم لوجود هوى كامن فيهم وضراوة بعادة رديئة تشملهم لا يؤمن عليهم الوقوع في الكفر بغلبة الهوى والنفس. { سُلطاناً مُبيناً } حجة ظاهرة في عقابكم برسوخ الهيئة التي بها تميلون إلى ولايتهم بصحبتهم ومجالستهم { في الدرَك الأسفل } باعتبار زيادة عذابه وشدّة إيلامه وإحراقه لا باعتبار كونه أدون مرتبة، إذ تأثير النار في المنافق أشدّ وأكثر إيلاماً لبقية استعداد فيه. وأمّا الكافر الأصلي البهيم فلعدم استعداده لا يتألم بعذابه كما يتألم المنافق وإن كان أسوأ حالاً منه وأعظم عذاباً وهواناً { نصِيراً } ينصرهم من عذاب الله لانقطاع وصلتهم وارتفاع محبّتهم مع أهل الله { إلا الذين تَابوا } رجعوا إلى الله ببقية نور الاستعداد وقبول مدد التوفيق { وأصْلَحوا } ما أفسدوا من استعدادهم بقمع الهوى وكسر صفات النفس ورفع حجب القوى بالزهد والرياضة { واعْتَصَموا بالله } بالتمسك بحبل الإرادة وقوة العزيمة في التوجه إليه { وأخْلَصوا دِينهم لله } بإفناء موانع السلوك من صفات النفس وإزالة خفاء الشرك وقطع النظر عن الغير في السير { فأولئكَ مع المؤمنين } الموقنين { أجْراً عظيماً } من مشاهدة تجليات الصفات وجنة الأفعال. { إنّ الذين يكفرون } يحتجبون عن الحق والدين وعن الجمع والتفصيل { ويريدون أن يفرّقوا بين الله ورسله } بالاحتجاب عن الدين دون الحق والتفصيل دون الجمع، فينكرون الرسل لتوهمهم وحدة منافية للكثرة وجمعاً مبايناً للتفصيل، وذلك هو إيمانهم بالبعض وكفرهم بالبعض. { ويريدون أن يتخذوا } بين الإيمان بالكلّ جمعاً وتفصيلاً والكفر بالكلّ طريقاً { أولئكَ هم الكافرون } المحجوبون { حقاً } بذواتهم وصفاتهم فإن معرفتهم وهم وغلط وتوحيدهم زندقة ليسوا من الدين ولا من الحق في شيء { مهيناً } يهينهم بوجود الحجاب وذل النفس وصفاتها.