الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ هَٰأَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ جَٰدَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا فَمَن يُجَٰدِلُ ٱللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } * { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } * { وَمَن يَكْسِبْ خَطِيۤئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }

{ ها أنتم هؤلاء } ظاهر مما مرّ { ومن يعمل سوءاً } بظهور صفة من صفات نفسه { أو يظلم نفسه } بنقص شيء من كمالاته التي هي مقتضى استعداده بتقصير فيه وارتكاب عمل ينافيه ثم يطلب من الله ستر تلك الصفة والهيئة الساترة لكماله بالتوجه إليه والتنصل عن الذنب { يجد الله غفوراً } يستر ذلك السوء والهيئة المظلمة بنور صفته { رحيماً } يهب ما يقتضيه استعداده. { ومن يكسب خطيئة } بظهور نفسه { أو إثماً } يمحو ما في استعداده وكسب هيئة منافية لكماله { ثم يرم به بريئاً } بأن قال: حملني على ذلك فلان، ومنعني عن طلب الحق فلان، وهذا جريمة فلان، كما هو عادة المتعللين بالأعذار { فقد احْتمل بهتاناً } بنسبة فعله إلى الغير إذ لو لم يكن في نفسه ميل لما يضادّ كماله ومناسبة لمن وافقه وأطاعه لما قبل ذلك منه، فما كان إلا من قبل نفسه كما قال لهم الشيطان:إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } [إبراهيم، الآية: 22] إذ لو لم يكن في نفوسهم ظلمة بكسبها وظهور صفاتهم لم يكن فيهم محل لوسوسته وقابلية لدعوته { وإثماً مبيناً } ظاهراً متضاعفاً لتركبه من هيئة الخطيئة والامتناع من الاعتراف، ونسبة التقصير إلى أنفسهم لتنكسر فتضعف عن الاستيلاء على القلب وحجبه عن الكمال.