الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ } * { وَتَرَى ٱلْمَلاَئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقِّ وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

{ وقالوا الحمد لله } بالاتّصاف بكمالاته والوصول إلى نعيم تجليات صفاته { الذي صدقنا وعده } بإيصالنا إلى ما وعدنا في العهد الأول وأودع فينا وأنبأنا عنه على ألسنة رسله { وأورثنا } جنّة الصفات { نتبوّأ } منها { حيث نشاء } بحسب شرفنا ومقتضى حالنا { فنِعْمَ أجر العالمين } الذين عملوا بما علموا فأورثوا جنّة القلب والنفس من الأنوار والآثار { وترى } ملائكة القوى الروحانية في جنّة الصفات { حافين من حول } عرش القلب { يسبّحون } بتجرّدهم عن اللواحق المادية، حامدين ربّهم بالكمالات الروحانية { وقضى بينهم بالحق } بتسالمهم واتحادهم في التوجه نحو الكمال بنور العدل والتوحيد واختصاص كل بما حكم بالحق في تسبيحه من غير تخاصم وتنازع { وقيل } على لسان الأحدية { الحمد } المطلق في الحضرة الواحدية للذات الإلهية الموصوفة بجميع صفاتها { ربّ العالمين } مربيهم على حسب استعدادات الأشياء وأحوالها. أو ملائكة النفوس والأرواح السماوية حافين في جنة الفردوس من حول عرش الفلك الأعظم، يسبحون بحمد ربّهم باتصاف ذواتهم المجرّدة بالكمالات الربانية. { وقُضِيَ بينهم بالحق } باختصاص كل بما حكم به الحق من الأفعال والكمالات. وقيل على لسان الكل: الكمال المطلق لله ربّ العالمين، وإن حملت القيامة على الصغرى فمعناه: وأرض البدن جميعاً قبضته، يتصرّف فيها بقدرته ويقبضها عن الحركة ويمسكها عن الانبساط بالحياة وقت الموت وسموات الأرواح وقواها مطويات بيمينه ونفخ في الصور عند النفس الآخر فصعق من في السموات من القوى الروحانية ومن في الأرض من القوى النفسانية الطبيعية إلا من شاء الله من الحقيقة الروحانية واللطيفة الإنسانية التي لا تموت، ثم نفخ فيه أخرى في النشأة الثانية بنور الحياة والاعتدال ووضع الكتاب، أي: لوح النفس المنتقش فيه صور أعماله فتنتشر بظهور تلك النفوس عليه وجيء بالنبيين والشهداء من الذين اطلعوا على استعدادهم وأحوالهم بأن يحشروا معهم فيجازوا على حسب أعمالهم، وقضي بينهم بالعدل وهم لا يظلمون. وباقي التأويلات بحالها إلى آخر السورة والله تعالى أعلم.