الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ يُكَوِّرُ ٱللَّيْـلَ عَلَى ٱلنَّهَـارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّـهَارَ عَلَى ٱللَّيْلِ وَسَخَّـرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُـلٌّ يَجْرِي لأَجَـلٍ مُّسَـمًّى أَلا هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ } * { خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُـمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ }

{ خلق السموات والأرض بالحق } بظهوره في مظاهرها واحتجابه بصورها مصرفاً للكل بقدرته وفعله { وسخّر الشمس والقمر } بسلطانه وملكه فلا ذات ولا صفة ولا فعل لغيره، وذلك دليل وحدانيته { ألا هو العزيز } القويّ الذي يقهر الكل بسطوة قهره { الغفّار } الذي يسترهم بنور ذاته وصفاته فلا يبقى معه غيره أو العزيز المتمنع باحتجابه عن خلقه بصور مخلوقاته الغفار الذي يستر لمن يشاء ذنوب وجوده وصفاته فيظهر عليه ويتجلى له بصفاته وذاته. { خلقكم من نفس واحدة } هي آدم الحقيقي، أي: النفس الناطقة الكلية، التي تتشعب عنها النفوس الجزئية { ثم جعل منها زوجها } النفس الحيوانية { وأنزل لكم } لكون صورها في اللوح المحفوظ ونزول كل ما وجد في عالم الشهادة من عالم الغيب { خلقاً من بعد خلق } يخلقكم في أطوار الخلقة متقلّبين { في ظلمات ثلاث } من الطبيعة الجسمانية والنفس النباتية والحيوانية { ذلكم } الخالق لصوركم، المكوّرة، أي: المصرف بقدرته المسخّر بملكوته وسلطانه، المنشىء للكثرة من وحدته بأسمائه وصفاته، المنزل لما قضى وقدّر بأفعاله هو الذات الموصوفة بجميع صفاته يربكم بأسمائه { له المُلْك } يتصرّف فيه بأفعاله { لا إله إلا هو } في الوجود { فأنى تُصْرفون } عن عبادته إلى عبادة غيره مع عدمه.