الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فَبَشِّرْ عِبَادِ } * { ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمْ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } * { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ } * { لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ ٱلْمِيعَادَ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي ٱلأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِـيجُ فَـتَرَاهُ مُصْفَـرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ }

{ والذين اجتنبوا } عبادة الغير { وأنابوا إلى الله } بالتوحيد المحض { لهم البشرى } باللقاء { فبشّر عباد } المخصوصين بعنايتي. { الذين يستمعون القول } كالعزائم والرخص والواجب والمندوب في قول الحق والغير { فيتبعون أحسنه } كالعزائم دون الرخص والواجب دون المندوب والقول حق في الكل لا غير { أولئك الذين هداهم الله } إليه بنور الهداية الأصلية { وأولئك هم أولو الألباب } المميزون بين الأقوال بألبابهم المجرّدة فيتلقون المعاني المحققة دون غيرها. { أفمن حقّ عليه كلمة العذاب } أي: أأنت مالك أمرهم فمن سبق الحكم بشقاوته فأنت تنقذه، أي: لا يمكن إنقاذه أصلاً { لكن الذين اتّقو } أفعالهم وصفاتهم وذواتهم في التجريد والتفريد من أهل التوحيد { لهم غرف من فوقها غرف } أي: مقامات وأحوال بعضها فوق بعض كالتوكل بفناء الأفعال فوقه، الرضاء بفناء الصفات فوقه الفناء في الذات { تجري من تحتها } أنهار علوم المكاشفات { أنزل من السماء } الروح { ماء } العلم { فسلكه ينابيع } الحكم في أراضي النفوس بحسب استعدادتها { ثم يخرج به } زرع الأعمال والأخلاق { مختلفاً } أصنافه بحسب اختلاف القوى والأعضاء { ثم يهيج } فينقطع عن أصله بأنوار التجليات { فتراه مصفرّاً } لاضمحلاله وتلاشيه بفناء أصوله، القائم هو بها من القوى والنفوس والقلوب { ثم يجعله حطاماً } بذهابه وانكساره وانقشاعه عند ظهور صفاته تعالى واستقرارها بالتمكين. { إن في ذلك لذكرى لأولي } الحقائق المجردة من قشرة الأنائية.