{ من كان يريد العزة فللّه العزّة جميعاً } أي: العزة صفة من صفات الله مخصوصة به، من أرادها فعليه بالفناء في صفات الله تعالى عن صفاته، ثم علّم طريق التجريد ومحو الصفات بقوله: { إليه يصعد الكلم الطيب } أي: النفوس الصافية الطيبة عن خبائث الطبائع الباقية على نور فطرتها، الذاكرة لميثاق توحيدها { والعمل الصالح } بالتزكية والتحلية { يرفعه } أي: يرفع ذلك الجنس الطيب إلى حضرته دون غيره فيتّصف بصفة العزّة وسائر الصفات. أو إليه يصعد العلم الحقيقي من التوحيد الأصلي الفطري الطيب عن خبائث التوهمات والتخيلات والعمل الصالح بمقتضاه يرفعه دون غيره كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: " العلم مقرون بالعمل، والعلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل " ، أي: سلم الصعود إلى الحضرة الإلهية هو العلم والعمل لا يمكن الترقي إلا بهما ولا يكفي التوحيد الذي هو الأصل في الاتّصاف بعزّته وسائر صفاته لأن الصفات مصادر الأفعال فما لم يترك الأفعال النفسية التي مصادرها صفات النفس بالزهد والتوكل ولم يتجرّد عن هيئاتها بالعبادة والتبتل لم يحصل استعداد الاتصاف بصفاته تعالى، فكان العلم الحقيقي الذي هو التوحيد بمثابة عضادتي السلم والعمل بمثابة الدرجات في الترقي. { والذين يمكرون السيئات } بظهور صفات النفوس وإن كانوا عالمين { لهم عذاب } من هيئات الأعمال القبيحة المؤذية { شديد }. { إنما يخشى الله من عباده العلماء } أي: ما يخشى الله إلا العلماء، العرفاء به، لأنّ الخشية ليست هي خوف العقاب بل هيئة في القلب خشوعية انكسارية عند تصوّر وصف العظمة واستحضاره لها، فمن لم يتصوّر عظمته لم يمكنه خشيه، ومن تجلى الله له بعظمته خشيه حق خشيته. وبين الحضور التصوري الحاصل للعالم الغير العارف وبين التجلي الثابت للعالم العارف بون بعيد، ومراتب الخشية لا تحصى بحسب مراتب العلم والعرفان { إنّ الله عزيز } غالب على كل شيء بعظمته { غفور } يستر صفة تعظم النفس وهيئة تكبرها بنور تجلي عزّته.