{ فأعرضوا } عن القيام بالشكر والتوسل بها إلى الله بل عن الأكل من ثمراتها التي هي العلوم النافعة والحقيقية بالانهماك في اللذات والشهوات والانغماس في ظلمات الطبائع والهيئات. { فأرسلنا عليهم سيل } الطبيعة الهيولانية بنقب جرذان سيول الطبائع العنصرية سكر المزاج الذي سدّته بلقيس النفس التي هي ملكتهم. والعرم الجرذ { وبدّلناهم بجنتيهم جنتين } من شوك الهيئات المؤذية وأصل الصفات السيئة البهيمية والسبعية والشيطانية { ذواتي أكل خمط } أي: ثمرة مرّة بشعة كقوله:{ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيَاطِينِ } [الصافات، الآية: 65]. { وشيء من سدر } بقاء الصفات الإنسانية { قليل } { ذلك } العقاب { جزيناهم } بكفرانهم النعم { وهل نجازي } بذلك { إلا الكفور } الذي يستعمل نعمة الرحمن في طاعة الشيطان { وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها } من الحضرة القلبية والسرية والروحية والإلهية بالتجليات الأفعالية والصفاتية والأسمائية الذاتية وأنوار المكاشفات والمشاهدات { قرى ظاهرة } مقامات ومنازل مترائية متواصلة كالصبر والتوكل والرضا وأمثالها { وقدّرنا فيها السير } إلى الله وفي الله مرتباً يرتحل السالك في الترقي من مقام وينزل في مقام { سيروا } في منازل النفوس { ليالي } وفي مقامات القلوب ومواردها { وأياماً آمنين } بين القواطع الشيطانية وغلبات الصفات النفسانية بقوة اليقين والنظر الصحيح على منهاج الشرع المبين. { فقالوا } بلسان الحال والتوجه إلى الجهة السفلية المبعدة عن الحضرة القدسية والميل إلى المهاوي البدنية والسير في المهامة الطبيعية والمهالك الشيطانية { ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم } بالاحتجاب عن أنوار القرى المباركة لظلمات البرازخ المنحوسة { فجلعناهم أحاديث } وآثاراً سائرة بين الناس في الهلاك والتدمير { ومزّقناهم } بالغرق والتفريق.